قد ظهر فمن يختتن من هذه الامم قالوا ليس يختتن الا اليهود ولا يهمنك شأنهم واكتب الى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود فبينماهم على أمرهم أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان فخبرهم عن خبر رسول الله A فلما استخبره هرقل قال اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا فنظروا اليه فحدثوه أنه مختتن وسأله عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ثم كتب إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يرم بحمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي A وهو نبي فآذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت لكم ملككم فتتابعوا لهذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحش الى الابواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الايمان قال ردوهم علي وقال إني إنما قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل قال البخاري ورواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري وقد رواه البخاري في مواضع كثيرة في صحيحه بألفاظ يطول استقصاؤها وأخرجه بقية الجماعة الا ابن ماجه من طرق عن الزهري وقد تكلمنا على هذا الحديث مطولا في أول شرحنا لصحيح البخاري بما فيه كفاية وذكرنا فيه من الفوائد والنكت المعنوية واللفظية ولله الحمد والمنة وقال ابن لهيعة عن الاسود عن عروة قال خرج أبو سفيان بن حرب إلى الشام تاجرا في نفر من قريش وبلغ هرقل شأن رسول الله A فأراد أن يعلم ما يعلم من شأن رسول الله A فأرسل إلى صاحب العرب الذي بالشام في ملكه يأمره أن يبعث اليه برجال من العرب يسألهم عنه فأرسل اليه ثلاثين رجلا منهم أبو سفيان ابن حرب فدخلوا عليه في كنيسة إيلياء التي في جوفها فقال هرقل ارسلت اليكم لتخبروني عن هذا الذي بمكة ما أمره قالوا ساحر كذاب وليس بنبي قال فاخبروني من أعلمكم به وأقربكم منه رحما قالوا هذا أبو سفيان ابن عمه وقد قاتله فلما أخبروه ذلك أمر بهم فاخرجوا عنه ثم أجلس أبا سفيان فاستخبره قال اخبرني يا أبا سفيان فقال هو ساحر كذاب فقال هرقل إني لا أريد شتمه ولكن كيف نسبه فيكم قال هو والله من بيت قريش قال كيف عقله ورأيه قال لم يغب له رأي قط قال هرقل هل كان حلافا كذابا مخادعا في أمره قال لا والله ما كان كذلك قال لعله يطلب ملكا أو شرفا كان لاحد من أهل بيته قبله قال أبو سفيان لا ثم قال من يتبعه منكم هل يرجع اليكم منهم أحد قال لا قال هرقل هل يغدر اذا عاهد قال لا إلا أن يغدر مدته هذه فقال هرقل وما تخاف من مدته هذه قال إن قومي أمدوا حلفاءهم على حلفائه وهو بالمدينة قال هرقل إن كنتم أنتم بدأتم فانتم أغدر فغضب ابو سفيان وقال لم يغلبنا الا مرة واحدة وأنا يومئذ غائب وهو يوم