قال ابن اسحاق ثم مضى الناس حتى اذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون الى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبى لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجلا من الانصار يقال له عباية بن مالك وقال الواقدي حدثني ربيعة بن عثمانعن المقبري عن أبي هريرة قال شهدت مؤتة فلما دنا من المشركون رأينا مالا قبل لاحد به من العدة والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب فبرق بصري فقال لي ثابت بن أرقم يا ابا هريرة كأنك ترى جموعا كثيرة قلت نعم قال إنك لم تشهد بدرا معنا إنا لم ننصر بالكثرة رواه البيهقي قال ابن اسحاق ثم التقى الناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله A حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول المسلمين عقر في الاسلام وقال ابن اسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال والله لكأني انظر الى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل وهو يقول ... يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وباردا شرابها ... والروم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها ... على إن لاقيتها ضرابها ... .
وهذا الحديث قد رواه أبو داود من حديث أبي اسحاق ولم يذكر الشعر وقد استدل من جواز قتل الحيوان خشية أن ينتفع به العدو كما يقول أبو حنيفة في الاغنام اذا لم تتبع في السير ويخشى من لحوق العدو وانتفاعهم بها أنها تذبح وتحرق ليحال بينهم وبين ذلك والله أعلم قال السهيلي ولم ينكر أحد على جعفر فدل على جوازه إلا إذا أمن أخذ العدو له ولا يدخل ذلك في النهي عن قتل الحيوان عبثا قال ابن هشام وحدثني من أثق به من أهل العلم أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء ويقال إن رجلا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه بنصفين قال ابن اسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبي الذي ارضعني وكان أحد بني مرة بن عوف قال فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ويقول ... أقسمت يا نفس لتنزلنه ... لتنزلن أو لتكرهنه ... إن جلب الناس وشدوا الرنة ... مالي أراك تكرهين الجنة