من العطش الشديد فليس نرجو ... به الشيخ الكبير ولا الغلاما ... وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم أياما ... وإن الوحش يأتيهم جهارا ... ولا يخشى لعادي سهاما ... وأنتم ههنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم تماما ... فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما ... .
قال فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم فدعا داعيهم وهو قيل ابن عنز فأنشأ الله سحابات ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ثم ناداه مناد من السماء اختر لنفسك ولقومك من هذا السحاب فقال اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء فناداه اخترت رمادا رمددا لا تبقى من عاد أحدا لا والدا يترك ولا ولدا إلا جعلته همدا إلا بني اللودية الهمدا قال وهو بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة فلم يصبهم ما أصاب قومهم قال ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة قال وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل ابن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث فلما رأوها استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا فيقول تعالى بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها أي كل شيء أمرت به فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها فهد فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت فلما أفاقت قالوا ما رأيت يا فهد قالت رأيت ريحا فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها فسحرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما والحسوم الدائمة فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك قال واعتزل هود عليه السلام فيما ذكر لي في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ما يصيبهم إلا ما يلين عليهم الجلود ويلتذ الأنفس وإنها لتمر على عاد بالطعن فيما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة وذكر تمام القصة .
وقد روى الإمام أحمد حديثا في مسنده يشبه هذه القصة فقال حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث وهو ابن حسان ويقال ابن يزيد البكري قال خرجت أشكو العلا بن الحضرمي إلى رسول الله A فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي يا عبدالله إن لي إلى رسول الله A حاجة فهل أنت مبلغي إليه قال فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله وإذا راية سوداء تخفق وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله A فقلت ما شأن الناس قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها قال فجلست قال فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت فقال هل كان بينكم وبين بني تميم شيء فقلت نعم وكانت لنا الدبرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب فأذن لها فدخلت فقلت يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فاجعل الدهنا