وقد تكرر ذكر الفارقليط في الإنجيل وأنذر به المسيح وبشر به قومه في غير موضع منه وقد اختلفوا في المراد فالفارقليط في لغتهم على أقوال وذهب الأكثر من النصارى إنه المخلص وقالوا هو مشتق من الفاروق أو من فارق قالوا ومعنى ليط كلمة تزاد كما يقال رجل هو وحجر هو وعالم هو وجاهل هو .
وقد تقرر أنه لا نبي بعد المسيح غير نبينا وهذه البشارات قد تضمنت أنه سيأتي بعد المسيح نبي يخلص تلك الأمة مما هم فيه ويوبخهم على الخطية ويتكلم بما يسمع ويخبر بكل ما يأتي ولم يكن هذا لأحد بعد المسيح غير نبينا .
ومما يدل على أن المراد بالفارقليط هو نبينا أنه وقع الحذف بهذا اللفظ من بعض نسخ الإنجيل مع ثبوته في غالبها وليس ذلك إلا تغييرا وتبديلا من النصارى لما يعلمونه من أن المراد بهذا اللفظ هو التبشير بنبي يأتي بعد المسيح وأنها ستقوم بذلك الحجة عليهم فحذفوا هذا اللفظ لهذه العلة .
وقد حكى الله سبحانه في القرآن العظيم أن المسيح بشر بنبينا محمد فقال وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد .
وفي الإنجيل الذي جمعه يوحنا أن المسيح قال أركون العالم سيأتي وليس لي شيء وهذا اللفظ فيه أعظم بشارة بنبينا محمد فإن الأركون في لغة النصارى العظيم القدر ولم يأت بعد المسيح من هو بهذه الصفة إلا نبينا فإنه جعله أركون العالم وقال عن نفسه ليس له من الأمر شيء فدل هذا على أنه سيأتي بعده عظيم من عظماء العالم يكون منه الإصدار والإيراد والحل والعقد في الدين وإثبات الشرائع