@ 286 @ وإن أجلكم هذه المدة فلا يعجز عن عذابكم ، كما يعجز من يفوته الشيء ( ^ وأن الله مخزي الكافرين ) أي : مذل الكافرين . .
وسبب نزول الآية : ' أنه كان بين رسول الله وبين المشركين عهود ومدد ، فلما غزا غزوة تبوك أرجف المنافقون بالنبي ، فجعل المشركون ينقضون العهود - وقيل : إن هذا كان قبل غزوة تبوك - فلما كانت سنة تسع من الهجرة بعث أبا بكر - رضي الله عنه - للحج بالناس ، وبعث عليا - رضي الله عنه - ليقرا على الناس هذه الآيات من أول هذه السورة . ويروى أنه بعث أبا بكر أولا ، ثم إنه بعث عليا في إثره ، وقال : ' لا يبلغ هذه الآيات إلا رجل منى ' يعني : من رهطي فكان أبو بكر أميرا على الموسم ، وكان علي ينادي في الناس بهذه الآيات . .
وروى أن عليا سئل : بم بعثك رسول الله ؟ فقال : بعثني بأربعة أشياء : أولها : من كان بينه وبين رسول الله عهد فمدته إلى أربعة أشهر ، والثاني : لا يحجن بعد هذا العام مشرك ، والثالث : لا يطوفن بالبيت عريان ، والرابع : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ' . .
فإن قال قائل : كيف بعث أبا بكر بهذه الآيات ثم عزله وبعث عليا ، وقال : ' لا يبلغ عني إلا رجل مني ' ، فإن كان لا يبلغ هذا إلا رجل من رهطه ، فكذلك سائر الأشياء ؟ .
والجواب عنه : ذكر العلماء أن رسول الله لم يعزل أبا بكر عن الموسم ، وكان هو الأمير ، وإنما بعث عليا لينادى بهذه الآيات ؛ لأن العرب كانوا تعارفوا أنه لا يعقد على القوم إلا سيدهم ، ولا ينقض إلا سيدهم أو رجل من أهله ، فبعث عليا على ما تعارفوا ؛ ليزيح العلل بالكلية ، فلا تبقى لهم علة ، فكان المعنى هذا ، والله أعلم .