@ 375 @ .
( ^ كانوا به يستهزءون ( 30 ) ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ( 31 ) وإن كل لما جميع لدينا محضرون ( 32 ) وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) * * * * * * ولا يجوز عليه هذه الصفة ؟ والجواب عنه : أن معنى قول القائل يا حسرة مثل قوله : يا عجبا ، وكذلك قوله : يا حسرتاه ، مثل قوله : يا عجباه ، والعرب تقول هذا على طريق المبالغة ، والنداء عندهم بمعنى التنبيه ، فيستقيم فيمن يعقل وفيمن لا يعقل ، وقوله : يا عجباه أبلغ من قولهم : أنا أتعجب من كذا ، فكأنه قال : أيها العجب هذا وقتك ، وأيها الحسرة هذا زمانك ، وحقيقة المعنى : أن هذا الزمان زمان الحسرة والتعجب . .
وأما قوله : إن الحسرة على الله لا تجوز ، قلنا : نعم ، ومعنى الآية : يا حسرة على العباد من أنفسهم ؛ وكأنهم يتحسرون على أنفسهم غاية الحسرة ، والحسرة هي التلهف على أمر فائت بأبلغ وجوهه حتى يبقى الرجل حسيرا منقطعا من شدته ، وقرئ في الشاذ : ' يا حسرة العباد ' وجواب آخر : أنه تعالى قال : ( ^ يا حسرة على العباد ) لأنهم صاروا بمنزلة يتحسر عليهم ، ويقال معناه : يا حسرة الرسل والملائكة على العباد ، والجواب الأول أحسن الأجوبة . .
وقوله : ( ^ ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون ) أي : استهزاء التكذيب . .
قوله تعالى : ( ^ ألم يروا كم أهلكنا ) قرأ ابن مسعود ' ألم يروا من أهلكنا ' ، والمعروف كم أهلكنا ، وهو للتكثير . .
وقوله : ( ^ قبلهم من القرون ) اختلفوا في مدة القرن ، وقد بينا من قبل ، وقد روي عن النبي : أنه قال لعبد الله بن بسر المازني : ' إنك تعيش قرنا ؛ فعاش مائة سنة ' ، وقوله : ( ^ أنهم إليهم لا يرجعون ) أي : لا يرجعون إلى الدنيا . .
قوله تعالى : ( ^ وإن كل لما ) ' إن ' ها هنا بمعنى : ما ، و ' لما ' بمعنى : إلا ، فمعنى الآية : وما كل إلا جميع لدينا محضرون ، وفي مصحف أبي بن كعب على هذا الوجه .