ومن التعسف قول بعضهم إن قول الشيخ وهو بجهة العلو مستو على العرش هو مبتدأ ومستو خبره وبجهة العلو متعلق بمستو بعد تعلق على العرش ولولا ذلك لنصب مستو على الحال فهذا تعسف وتحريف للكلم عن مواضعه فإن هو مبتدأ وبجهة العلو خبره ومستو خبر بعد خبر وبجعل مستو هو الخبر والعرش هو الذي بجهة العلو أي فائدة في ذلك ومن المعلوم لكل أحد أن العرش في جهة العلو .
واحتجوا أيضا بأن الله تعالى كان ولا مكان ولا زمان ولا خلاء ولا ملاء منفردا في قدمه لا يوصف بأنه فوق كذا إذ لا شيء غيره فلما اقتضت الإرادة حدوث الكون اقتضت أن يكون له جهة علو وسفل واقضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جهة التحت والسفل لكونه مربوبا مخلوقا وأن يكون هو فوق الكون بإعتبار الكون لا بإعتبار فردانيته تعالى إذ لا فوق فيها ولا تحت فإذا أشير إليه سبحانه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحت ونحوها بل من جهة العلو والفوقية .
قالوا ثم الإشارة هي بحسب الكون وحدوثه وتسفله فالإشارة تقع على أعلى جزء من الكون حقيقة وتقع على عظمة البارئ كما يليق به لا كما تقع على الحقيقة المعقولة عندنا فإنها إشارة إلى جسم وهذه إشارة إلى إثبات .
واحتجوا أيضا بالإستواء على العرش والإستواء صفة كانت له سبحانه لكن لم يظهر حكمها إلا عند خلق العرش كما أن الحساب صفة قديمة له لا يظهر حكمها إلا في الآخرة فالإشارة تقع على العرش حقيقة إشارة معقولة وتنتهي الجهات عند