فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر .
وأما الأعمال فمنهم من يقرها ومنهم من يجريها هذا المجرى ويقول إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض ويؤمر بها العامة دون الخاصة وهذه طريقة الباطنية الملاحدة والإسماعيلية ونحوهم .
وأما أهل التأويل فيقولون إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس بها الباطل ولكن قصد بها معاني ولم يبين لهم ذلك ولا دلهم عليها ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها ومقصوده امتحانهم وتكليفهم وإتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويعرفوا الحق من غير جهته وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة وهم وإن تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة لكن في الحقيقة لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا لكن أولئك الملاحدة ألزموهم في نصوص المعاد نظير ما أدعوه في نصوص الصفات فقالوا نحن نعلم بالإضطرار أن الرسل جاءت بمعاد الأبدان وقد علمنا فساد الشبه المانعة منه .
والسلف ومن تبعهم يقولون لهم ونحن نعلم بالإضطرار أن الرسل جاءت بإثبات الصفات ونصوص الصفات في الكتب الإلهية أكثر وأعظم من نصوص المعاد ويقولون لهم معلوم أن مشركي العرب وغيرهم كانوا ينكرون المعاد وقد أنكروه على الرسول وناظروه عليه بخلاف الصفات فإنه لم ينكر شيئا منها أحد من العرب فعلم أن إقرار العقول بالصفات أعظم من إقرارها بالمعاد