ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير .
فإن حقيقة الأمر على ما يقوله هؤلاء إنكم يا معشر العباد لا تطلبوا معرفة الله وما يستحقه من الصفات لا من الكتاب ولا من السنة ولا من طريق سلف الأمة ولكن انظروا أنتم فيما وجدتموه مستحقا له من الصفات في عقولكم فصفوه به سواء كان موجودا في الكتاب والسنة أو لم يكن وما لم تجدوه مستحقا له في عقولكم فلا تصفوه به .
ثم هم هنا فريقان أكثرهم يقول ما لم تثبته عقولكم فانفوه ومنهم من يقول بل توقفوا فيه وكأن الله تعالى قال لهم ما نفاه قياس عقولكم مما اختلفتم فيه أنفوه وإليه عند التنازع فارجعوا فإنه الحق الذي تعبدتكم به وما كان مذكورا في الكتاب والسنة مما يخالف قياسكم هذا أو يثبت ما لم تدركه عقولكم فاعلموا أني امتحنتكم بتنزيله لا لتأخذوا الهدى منه لكن لتجتهدوا في تحريفه على شواذ اللغة ووحشي الألفاظ وغرائب الكلام وأن تسكتوا عنه مفوضين علمه إلى الله مع نفي دلالته على كل شيء من الصفات هذا حقيقة الأمر على رأي هؤلاء المتكلمين .
قال وهذا الكلام قد رأيته صرح بمعناه طائفة من المتكلمين وأن كتاب الله لا يهتدى به في معرفة الله وأن الرسول معزول عن التعليم بصفات من أرسله وما أشبه حال هؤلاء بقوله تعالى ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به إلى قوله ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا