وقال أيضا قدم إلى بغداد جماعة من أهل البدع الأعاجم فارتقوا منابر التذكيري للعوام فكان معظم مجالسهم أنهم يقولون ليس لله في الأرض كلام وهل المصحف إلا ورق وعفص وزاج وإن الله ليس على العرش ولا في السماء وإن الجارية التي قال لها النبي A أين الله كانت خرساء فأشارت إلى السماء أي ليس هو من الأصنام التي تعبد في الأرض .
ثم يقولون أين الحروفية الذين يزعمون أن القرآن حرف وصوت هذا عبارة جبريل فما زالوا كذلك حتى هان تعظيم القرآن في صدور أكثر العوام وصاروا يقولون هذا هو الصحيح ودس الشيطان دسائس البدع فقال قوم هذا المشار إليه مخلوق مع أن الإمام أحمد ثبت في ذلك ثبوتا لم يثبته غيره على دفع هذا القول لئلا يتطرق إلى القرآن ما يمحو تعظيمه من النفوس ويخرجه عن الإضافة إلى الله تعالى ورأى أن ابتداع ما لم يقل به لا يجوز فقال كيف أقول ما لم يقل .
ثم لم يختلف الناس في ذلك إلى أن جاء بعض المتكلمين فقال إن الكلام صفة قائمة بالنفس فتخبطت العقائد مع أن الله تعالى ورسوله قنعا من الخلق بالإيمان الإجمالي ولم يكلفهم معرفة التفاصيل والوقوف على الماهية إما لأن الإطلاع على ذلك