غير أن تكون من جنس صفات المخلوقات فمن قال لا أعقل علما ويدا إلا من جنس العلم واليد المعهودتين قيل له فكيف تعقل ذاتا من غير جنس ذوات المخلوقين ومن المعلوم أن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته فمن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس كمثله شيء إلا ما يناسب المخلوق فقد ضل في عقله ودينه .
وما أحسن ما قال بعضهم إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى السماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك فقل له كيف هو في نفسه فإذا قال لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري غير معلوم للبشر فقل له فالعلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف فكيف يمكن أن تعلم كيفية لموصوف لم تعلم كيفيته وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي له بل هذه الروح قد علم العاقل اضطراب الناس فيها وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى مع أنا نقطع بأن الروح في البدن وأنها تخرج منه وتعرج إلى السماء وأنها تسل منه وقت النزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة لا نغالي في تجريدها غلو المتفلسفة ومن وافقهم حيث نفوا عنها الصعود والنزول والإتصال بالبدن والإنفصال عنه وتخبطوا فيها حيث رأوها من غير جنس البدن وصفاته فعدم مماثلتها للبدن لا ينبغي أن تكون هذه الصفات ثابتة لها بحسبها