- روى الترمذي وغيره مرفوعا : [ [ من تعلم العلم ليجادل به العلماء أو ليماري به السفهاء فليتبوأ مقعده من النار ] ] . وروى أبو داود والترمذي وغيرهما مرفوعا : [ [ من أتاه الله علما فبخل به عن عباد الله وأخذ عليه طمعا وشري به ثمنا وكذا وكذا حتى يفرغ الحساب ] ] . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نماري بالعلم قط ولا نكتمه عن أحد علمنا منه الإخلاص فيه ولو كفر هو بتعليمنا له كما أن من شرط المعلم كذلك الإخلاص : وسمعت سيدي عليا الخواص رحمة الله يقول : من علامة إخلاص المعلم أن لا يلتفت إلى اعتراف الناس بتعليمه أو كفرانهم به وكل من تكدر ممن تركه من طلبته وقرأ على غيره فما شم للإخلاص رائحة وهو مراء بعلمه . وعبارة الإمام النووي في كتاب التبيان وفي مقدمة شرح المهذب . فاعلم أن من أهم ما يؤمر به المعلم أن لا يتأذى ممن يقرأ على غيره قال : وهذه مصيبة يبتلى بها جهلة المعلمين لغباوتهم وفساد نيتهم وهو من الدلائل الصريحة على عدم إرادتهم بالتعليم وجه الله الكريم . وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا C يقول : إياك أن تكتم العلم عن عدوك فإن الشرع حقيقة إنما هو لله ورسوله ومن شرط كل محب لله ورسوله أن يحب نشر ما شرعه الله ورسوله في جميع الخلق سواء كانوا أصدقاء أو أعداء . وقد جاء التحذير العظيم في حق من كتم العلم عن أهله كما سيأتي في الأحاديث وكان الإمام الشافعي Bه ينشد : .
أأنشر علما بين راعية الغنم ... وأنثر منظوما لسارحة النعم .
إلى أن قال : .
فإن يسر الله الكريم بفضله ... وأدركت أهلا للعلوم وللحكم .
بثثت مفيدا واستفدت ودادهم ... وإلا فمخرون ؟ ؟ لدي ومكتتم .
ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم .
وسمعت أخي أفضل الدين C يقول : إنما توعد الشارع A السلف الصالح إذا كتموا العلم تشجيعا لهم حتى يتكلموا به لخوفهم من الشهرة وأما الناس اليوم فلو كان التحذير في الكلام لتكلموا ولم يسكتوا فكان السلف الصالح لكثرة إخلاصهم يود كل واحد منهم أن لو كانت الشهرة بالعلم لأخيه فكانوا يقوون نور إخوانهم ويضعفون نورهم عند الناس وربما عرضت المسألة الواحدة على ثلاثين نفسا وكل منهم يردها حتى تجئ إلى الأول خوفا من القول في دين الله بالرأي . واعلم يا أخي أن حكمة النهي عن المماراة هو للاستهانة به فيجلس الفقيهان يتكلمان بالعلم ولا يقصدان العمل وقلوبهم غافلة عن العمل بالكلية ويشكك كل واحد منهما الآخر فيما يفهمه ويدخل عليه الشبهة ولا يعلمه بالجواب وإلا فلو شككه ثم أجابه وعلمه الجواب لما نهى عنه بل هو مطلوب لأن فيه امتحانا للطالب ليختبر به علمه وجهله وكثيرا ما يكون طالب العلم جازما بحكم فهمه من الآية أو الحديث فيجلس مع بعض المجادلين فيدخل عليه التشكيك ثم يلتهي عنه بأمر فيصير ذلك الطالب مترددا فيما كان جازما به وليس ذلك من شأن أهل الإيمان الصادق وهذا المعنى الذي فهمته من حكمة النهي عن المماراة اقتبسته من حديث مسلم وغيره في شأن رؤية الباري جل وعلا في القيامة : { هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب } الحديث . ففسر الشارحون هناك قوله تمارون أي تشكون فكذلك يكون المعنى هنا ومن ظفر بنقل في ذلك فليلحقه بهذا الموضع من هذا الكتاب . والله أعلم