( 70 ) من رأيته مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل ما شهد وذاكراً كل ما علم فاستدل بذلك على وجود جهله .
يعني : أنك إذا رأيت إنساناً مجيباً عن كل ما سئل فيه من المسائل ومعبراً عن كل ما شهده أي ذاقه بباطنه من العلوم والمعارف وذاكراً كل ما علم فاستدل بذلك على وجود جهله . أما الإجابة عن كل سؤال فلاقتضائها منه الإحاطة بجميع المعلومات وذلك محال في حقه . قال تعالى : { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } ( 85 ) الإسراء . وما ألطف قول بعضهم : .
ومن كان يهوى أن يرى متصدراً ويكره لا أدري أصيبت مقاتله .
وأما التعبير عن كل مشهود فلأن فيه نوعاً من إفشاء السر الذي أمروا بكتمه فإنهم قالوا : قلوب الأحرار قبور الأسرار ولأن مدارك الشهود يضيق عنها نطاق التعبير بالعبارة ولذلك اكتفى العارفون فيما بينهم بالإشارة كما قال بعضهم : علمنا إشارة فإذا صار عبارة خفي . وأما الذكر لكل معلوم فلعدم تفرقته بين المعلومات وقد يكون له علم يختص به فإذا ذاكره لغيره استغربه كما قال بعض العارفين : .
إني لأكتم من علمي جواهره كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا .
( 71 ) إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ولأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها .
أي إنما جعل الله تعالى الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين دون