الناس حتى يحصل له من نور يقينه الإفلاس مع أن المؤمن ينبغي أن يحرص على عزة إيمانه المتين ويردد قوله سبحانه { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ( 8 ) المنافقون ولا يكون ذلك إلا باعتماده على مولاه وقطع طماعيته فيما سواه . فإن من طمع في شيء ذل له وانقاد لحكمه حتى يقال : قاده وذلله . وما ألطف قول بعضهم : .
أتطمع في ليلى وتعلم أنما تقطع أعناق الرجال المطمع .
( 61 ) ما قادك شيء مثل الوهم .
يعني أن انقياد النفس إلى الأمور الوهمية الباطلة أشد من انقيادها إلى الحقائق الثابتة . فتوهم النفع من المخلوقين هو السبب في الطمع في الناس وهو في الحقيقة مبني على غير أساس لأن الطمع تصديق الظن الكاذب والطمع فيهم طمع في غير مطمع ولذلك كانت أرباب الحقائق بمعزل عنه فلا تتعلق همتهم إلا بالله ولا يتوكلون إلا على الله قد ترقت عن ملاحظة الأغيار قلوبهم فلم يحل فيها الطمع واتصفوا بصفات الكمال التي من أجلها الزهادة والورع فأحياهم الله حياة طيبة بالقناعة ولم يكشف أحد منها لمخلوق قناعه تخلصاً من رق الأغيار وتطلباً لأن يكون من الأحرار . كما قال المصنف : .
( 63 ) أنت حر مما أنت عنه آيس وعبد لما له طامع .
أي أنت حر من كل شيء أنت عنه أي منه آيس لأن اليأس من الشيء دليل على فراغ القلب منه وذلك عين الحرية منه كما أن الطمع في الشيء دليل على الحب له وفرط الاحتياج إليه وذلك عين العبودية له . وقوله لما أنت له أي فيه طامع . فالطامع عبد واليائس حر . كما قيل : .
العبد حر أن قَنِعْ والحر عبد أن قَنَعْ