ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا .
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا .
ويكون أيضا من حضرته تعالى قريباً لبعده عن نفسه التي من شأنها النفور عنها والفرار منها فمرتبة العبودية أنالته هذه الخصوصية . واعلم أن المراد بحضرة الله تعالى - حيث أطلقت في لسان القوم - شهود العبد أنه بين يدي الله تعالى فما دام هذا مشهده فهو في حضرة الله تعالى . فإذا حجب عن هذا المشهد فقد خرج منها . ثم أن هذا السلوك لا يتيسر إلا لمن حاسب نفسه وأخذ حذره منها . كما قال المصنف : .
( 35 ) أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها . ولأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالماً يرضى عن نفسه فأي علم لعالمٍ يرضى عن نفسه ؟ وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه ؟ .
يعني أن النظر إلى النفس بعين الرضا يوجب تغطية عيوبها ويصير قبيحها حسناً . والنظر إليها بعين السخط يكون بضد ذلك على حد قول القائل : .
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا .
فمن رضي عن نفسه استحسن حالها فتستولي عليه الغفلة عن الله تعالى فينصرف قلبه عن مراعاة خواطره فتثور عليه الشهوة وتغلبه لعدم وجود المراقبة القلبية التي تدفعها فيقع في المعاصي لا محالة . فعطف الغفلة والشهوة على المعصية من عطف السبب على المسبب . وكذا عطف اليقظة والعفة على الطاعة فإن اليقظة التي هي التنبه لما يرضي الله تعالى والعفة التي هي علو الهمة عن الشهوات يتسبب عنهما الطاعة التي هي اتباع المأمورات واجتناب المنهيات . وإنما كان الرضا عن النفس أصل كل المعصية لأنها أمارة بالسوء فهي العدو الملازم . و في الحديث : " أعدى عدوك نفسك التي بين .
ص 46 .
جنبيك " وناهيك قول يوسف الصديق : { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي أن النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } ( 53 ) يوسف . ولله در الإمام البوصيري حيث قال :