يدخل في حضرة الكريم الخلاق لأنه لم يتطهر من غفلاته الشبيهة بالجنابة فيُمنع منها كما يُمنع الجنب من المسجد الذي هو محل المناجاة والاستجابة والاستفهام في المواضع الأربعة إنكاري بمعنى النفي أي لا يكون إشراق القلب مع انطباع صور الأكوان التي هي كالظلمة في مرآته أي محل ناظره الذي هو البصيرة لما في ذلك من الجمع بين الضدين ولا يمكنه الرحيل إلى الله بقطع عقبات النفس مع كونه مكبلاً بشهواته للجمع المذكور ولا يدخل حضرة الله أي دائرة ولايته المقتضية للطهارة مع كونه لم يتطهر من جنابة غفلاته لذلك الجمع ولا يرجو أن يفهم دقائق الأسرار المتوقفة على التحرز من المعاصي مع كونه لم يتب من هفواته لذلك فالمطالب أربعة : إشراق القلب والرحيل إلى الحضرة ودخولها والإطلاع على أسرارها . وكلٌ وسيلة لما بعده . والموانع أربعة : انطباع صور الأكوان في عين القلب والتكبل بالشهوات وعدم التطهير من جنابة الغفلات وترك التوبة من الهفوات .
( 14 ) الكونُ كلُّه ظُلْمةٌ وإنَّما أنارَهُ ظهورُ الحقِّ فيه فمن رأى الكونَ ولم يشهدُهُ فيه أو عنده أو قَبْلَه أو بَعْدَه فقد أَعْوَزَهُ وجودُ الأنوارِ وحُجبَتْ عنه شموسُ المعارفِ بسُحُبِ الآثار .
أي أن الكون بالنظر إلى ذاته كلُّه ظلمة أي دم محض لأنه لا وجود له بذاته وإنما أناره أي أوجده ظهورُ الحق تعالى فيه أي ظهور إيجاد وتعريف لا ظهور حلول وتكييف بمعنى أنه تجلى عليه بذاته وقال له كن فكان وهو قادر على إعدامه في الحال والاستقبال فليس ثمَّ إلا مبدع الأكوان .
ثم أن من الناس مَنْ حجبه الكونُ أي المكونات عن المكون تعالى فلم يشهده سبحانه أي فلم يشاهد تأثيره فيه وهو الذي قد أعوزه أي فاته وجود الأنوار فصار محتاجاً لها لفقدها عنده وحجبت أي غابت عنه شموس المعارف أي المعارف التي هي كالشموس في إظهار الأشياء والكشف عن