أي كيف تحصل لي خيبة وعدم ظفر بالمقصود وأنت أملي الذي عطاؤك غير محدود ؟ أم كيف يحصل لي الهوان وعليك يا قوي يا متين متكلي ؟ .
( 34 ) إلهي كيف أستعز وأنت في الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك نسبتي ؟ أم كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقر أقمتني أم كيف أفتقر وأنت بجودك أغنيتني ؟ .
قد تلون في هذه الأوصاف المتضادة لما تلون عليه من مشاهدة ما يوجبها فإذا شاهد أن الله أركزه في الذلة - بكسر الذال المعجمة - أي ذل النفس وجعلها مركزاً له قال : كيف أستعز وأنت في الذلة أركزتني ؟ وإذا شاهد أن الله نسبه إليه نسبة خاصة بإفاضة الأنوار عليه المقتضية لإعزامه وإكرامه قال : كيف لا أستعز وإليك نسبتي وإذا شاهد الفقر الذاتي الذي هو صفة له قال : كيف لا أفتقر وأنت في الفقر أقمتني ؟ وإذا شاهد أن الله أفاض عليه مواهب إحسانه قال : كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني ؟ فالفقر ذاتي للعبد والغنى عارض بإغناء الله له فلا منافاة بين هذه الأوصاف التي وردت بحسب المشاهد المجملة .
( أنت الذي لا إله غيرك تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء وأنت الذي تعرفت إلي في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء فأنت الظاهر لكل شيء ) .
أي تعرفت لكل شيء بما أودعته فيه من النور حتى عرفك فما جهلك شيء حتى الحيوانات العجم بشهادة : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } ( 44 ) الإسراء ومن حصل منه الجهل والكفر في حالة الاختيار فإنه يرجع عن جهله في حالة الاضطرار . ويزول عنك أيها المريد هذا الاشتباه بتلاوة : { وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ } ( 67 ) الإسراء . وقوله : وأنت الذي تعرفت إليَّ أي بما أودعته في قلبي من أنوار المعرفة واليقين فرأيتك ظاهراً في كل شيء . وفرّع