الوفود إلى الكرام وأنت أكرم الأكرمين فافعل بنا ما أنت أهله يا أرحم الراحمين . ثم إنه ترقى عن مقام نسبة التقصير للنفس الذي اقتضته هذه التعجبات لأنه غير لائق بالعارفين لما فيه من رؤية النفس وملاحظة حالها والعارف لا يرى غير الله ويرى أن الأحوال كلها حسنة من حيث نسبتها له فقال : أم كيف لا تحسن أحوالي الباطنية والظاهرية وبك قامت ؟ - أي صدرت - وإليك رجعت لأنك المقصود بها .
( 8 ) إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي .
ما تعجبية أي ما أكثر لطفك ورفقك بي مع جهلي العظيم بعواقب الأمور فربما أقصد ما فيه ضرر فيمنعني لطفك عنه ويرشدني إلى ما فيه النفع والسرور وما أعظم رحمتك بي مع فعلي القبيح المقتضي - لولا عظيم إحسانك إلي - للتأديب والتقبيح .
( 9 ) إلهي ما أقربك مني وما أبعدني عنك .
أي ما أشد قربك مني بالإحاطة والاقتدار وما أبعدني عنك بصفاتي التي لا تليق للقرب من العزيز الغفار ثم ترقى فقال : .
( 10 ) إلهي ما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك ؟ .
أي ما أشد رأفتك بي التي أفنى بها عن رؤية نفسي فما الذي يحجبني عنك أي فلا حاجب لي عن الرب المعبود ما دمت في هذا الشهود .
( 11 ) إلهي قد علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك أن تتعرف إلي في كل شيء حتى لا أجهلك في شيء .
يعني قد علمت باختلاف الآثار علي التي هي تنقلات الأطوار أي الأحوال من صحة ومرض وغنى وفقر وعز وذل وقبض وبسط وطاعة وعصيان إلى غير ذلك من الشؤون التي تبديها ولا تبتدئها بشهادة { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } ( 29 ) الرحمن وأيقنت أن مرادك مني أن تتعرف إلي تعرفاً خاصاً في كل