( 236 ) إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده .
يعني إذا تيقنت - أيها المريد - بالأدلة القطعية أن الشيطان لا يغفل عن إغوائك ومحاربتك من كل جهة كما قص الله تعالى ذلك بقوله { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } ( 17 ) الأعراف . قال ابن عباس : من بين أيدهم أشككهم في آخرتهم ومن خلفهم أرغبهم في دنياهم وعن أيمانهم أشبه عليهم أمر دينهم وعن شمائلهم أزين لهم المعاصي وأحقق لهم الباطل . فلا تغفل أنت عن مولاك الذي ناصيته بيدك أي قدرته .
ص 157 .
وذلك بتحقيق عبوديتك له وتوكلك عليه واعتصامك به والتجائك إليه . فإن الله تعالى يكفيك شره . كما قال سبحانه : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثًا } ( 87 ) النساء { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا } ( 65 ) ا لإسراء .
قال بعض العارفين : الشيطان منديل هذه الدار يعني يمسح به أقذار النسب وهي نسبة الشرور وأنواع المعاصي والفساد إليه أدباً مع الله تعالى . وهذا سر إيجاده كما قال تعالى : { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ } ( 63 ) الكهف . وقال تعالى : { هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } ( 15 ) القصص . وأما أن له حولاً وقوة يضر بها أو ينفع فلا آه .
وفي الحديث : " أن إبليس قال : وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال الله D : وعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني " .
وقال ذو النون المصري : أن كان هو يراك من حيث لا تراه فإن الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله عليه .
ص 158 .
( 237 ) جعله لك عدواً ليحوشك به إليه وحرك عليك النفس ليدوم إقبالك عليه .
أي جعل الله لك الشيطان عدواً كما قال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } ( 6 ) فاطر . ليحوشك أي ليردك به إليه سبحانه فإنك إذا عرفت أنك لا تطيق رد غوايته لك بنفسك اضطررت إلى الاستعانة عليه بربك فكان تسليطه في الحقيقة من الله عليك نعمة . فاشكر مولاك الحكيم عليها وتأمل بفكرك هذه الحكمة وكذلك حرك عليك النفس بطلب متابعة الشهوة والهوى ليدوم إقبالك عليه تعالى فإنك لا تقدر على مجاهدتها وقمع شهواتها إلا بمعونة مولاك فإذا أرجعك بها إليه فقد بلغك مناك .
وكأن المصنف Bه يشير إلى الأعداء الأربعة المجموعة في قول بعضهم :