الْجَحِيمِ } . ثم قال : وإتمام النعيم بالنظر إلى وجهه الكريم أي لا بتلك المظاهر لذاتها .
فهجره أعظم من ناره ووصله أطيب من جنته .
أسأل الله جميل الوصال .
( 224 ) ما تجده القلوب من الهموم والأحزان فلأجل ما منعت من وجود العيان .
يعني أن الذي تجده القلوب من الهموم المتعلقة بالمستقبل والأحزان المتعلقة بالماضي إنما يكون لأجل ما منعته من وجود العيان - بكسر العين المهملة - أي معاينة الحق جل شأنه بعين البصيرة وذلك من نتائج رؤية النفس وبقاء حظها . فلو غاب شخص عن رؤية نفسه بمعاينة سيده كان دائم الفرح كما أخبر الله عن سيد الأبرار حين قال لصاحبه في الغار : { لَا تَحْزَنْ أن اللَّهَ مَعَنَا } ( 40 ) التوبة . فمن استنار قلبه بنور المعرفة زال همه وتباعد عنه غمه . لكن من لم يصل إلى هذا المقام يكون همه مصفياً لقلبه وموجباً لتطهيره من الذنوب والآثام . فإن الهموم في الأمور الدنيوية - كطلب المعيشة - كفارات وفي الأمور الأخروية رفع الدرجات .
( 225 ) من تمام النعمة عليك أن يرزقك ما يكفيك ويمنعك ما يطغيك .
يعني أن من تمام نعمة الله عليك - أيها المريد - أن يرزقك ما يكفيك من غير زيادة ولا نقصان فإن في الزيادة عن الكفاية الطغيان . قال تعالى : { كَلَّا أن الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أن رَآهُ اسْتَغْنَى } ( 6 ) ( 7 ) العلق . وفي النقصان عن الكفاية الاشتغال عن .
ص 149 .
طاعة الله تعالى والتعرض للسؤال . وقد قالوا : إذا كان العبد في كفاية ثم مال إلى الدنيا سلبه الله حلاوة الزهد . ثم ذكر فائدة تترتب على الرضا بالكفاف فقال : .
( 226 ) ليقل ما تفرح به يقل ما تحزن عليه .
أي ليقل الشيء الذي تفرح به من المال والجاه ليقل حزنك عليه عند فقده . فإن المفروح به هو المحزون عليه إن قليلاً فقليل وإن كثيراً فكثير . كما قيل في ذلك : .
على قدر ما أولعت بالشيء حزنه ويصعب نزع السهم مهما تمكنا .
ودرء مفسدة وجود الحزن مقدم على جلب مصلحة الفرح الذي لا يدوم . كما قيل .
ومن سره أن لا يرى ما يسوؤه فلا يتخذ شيئاً يخاف له فقدا .
فإن صلاح المرء يرجع كله فساداً إذا الإنسان جاز به الحدا .
ثم ذكر ما هو من أفراد ذلك بقوله : .
( 227 ) أن أردت أن لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك .
يعني أن أردت أن لا تعزل فتحزن بسبب العزل عن الولاية فلا تتول ولاية لا تدوم لك . فإنها نعمت المرضعة وبئست الفاطمة .
مبتدأ حلو لمن ذاقه ولكن انظر خبر المبتدأ .
كما أشار إلى ذلك بقوله : .
( 228 ) أن رغبتك البدايات زهدتك النهايات . أن دعاك إليها ظاهر نهاك عنها باطن .
يعني إذا رغبتك - أيها المغتر - بدايات الأمور الدنيوية كالولاية لرونقها الظاهر زهدتك نهايتها من العزل عنها ولو بالموت ونهاك عنها باطنها من كونها شاغلة عن طاعة عالم السرائر . فالأمور الدنيوية في الظاهر تسر وفي الباطن