لبعض الأولياء فيخبر بذلك ثم لا يحصل . فإذا حصل لك - أيها المريد - مثل ذلك ثم تأخر الموعود به فلا تشك فيما وعدك الله به وإن تعين زمنه وبالأولى إذا لم يتعين لئلا يكون ذلك الشك قدحاً أي نقصاً في بصيرتك وإخماداً أي إطفاءً لنور سريرتك التي هي عين القلب فهي مرادفة للبصيرة وذلك لجواز أن يكون وقوع ذلك الموعود معلقاً على أسباب وشروط لم تحصل . فالعارف من تأدب مع ربه ولم يتزلزل عند تأخر ما وعده به .
( 8 ) إذا فتحَ لكَ وِجْهةً من التَّعرُّفِ فلا تبالِ معها أن قلَّ عملُكَ فإنه ما فَتَحَها لك إلا وهو يريد أن يتعرَّفَ إليكَ . ألم تعلم أن التَّعَرُّفَ هو مُورِدُهُ عليك والأعمال أنت مهديها إليه وأين ما تُهديه إليه مما هو مُورِدُهُ عليكَ .
يعني إذا فتح لك الفتاح - أيها المريد - وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما . والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها . فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك - فهمزة أن مفتوحة منسكبة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء المقدرة المتعلقة بتبال - أي لا تغتمَّ مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال . فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وليستأنف العمل " . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة . وورد : أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده