أن ترى عجز نفسك عن توفية ذلك فتترك الشكر فإن ذلك يحط من وجود قدرك و قد رفع اللَّه قدرك حيث جعل القليل منك كثيراً و ادخر لك عليه جزاءً كبيراً . قال تعالى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } ( 160 ) الأنعام فلا تبخس نفسك حقها و لا تحطها عن قدرها فإن ترك الشكر بسبب كثرة النعم جهل بحق المنعم المفضال كما أن ترك الشكر على النعمة لاستقلالها موجب لغضب الكبير المتعال .
( 201 ) تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال .
يعني : أن تمكن حلاوة ما تهواه النفس من الشهوات الدنيوية من القلب هو الداء العضال الذي يتعذر برؤه فإن القلب محل الإيمان و المعرفة و اليقين و هذه هي الأدوية لأمراضه ما لم يكن الداء معضلاً كتمكن الهوى فلا يفيد فيه إلا وارد إلهي كما أشار إلى ذلك بقوله : .
( 202 ) لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .
أي لا يكون سبباً في إخراج الشهوة المتمكنة من القلب إلا خوف من اللَّه مزعج يرد على القلب من شهود صفات الجلال ومنشؤه النظر في الآيات المحتوية على ما أعد للعصاة من العذاب الأليم . أو شوق إلى اللَّه مقلق يرد على القلب من شهود صفات الجمال و منشؤه النظر في الآيات المحتوية على ما أعد للطائعين من النعيم المقيم .
( 203 ) كما لا يحب العمل المشترك كذلك لا يحب القلب المشترك . العمل المشترك لا يقبله والقلب المشترك لا يقبل عليه .
يعني : أنه سبحانه كما لا يحب العمل المشوب بالرياء و ملاحظة الخلق كذلك لا يحب القلب الذي فيه محبة غيره . و لما كانت المحبة بمعنى ميل .
ص 138 .
القلب مستحيلة على اللَّه تعالى بين المراد منها بقوله : العمل المشترك لا يقبله أي لا يثيب عليه لفقد الإخلاص منه و القلب المشترك لا يقبل عليه أي لا يرضى عن صاحب لعدم صدقه في محبته .
( 204 ) أنوار أذن لها في الوصول و أنوار أذن لها في الدخول .
يعني : أن الأنوار الواردة على القلوب من خزائن الغيوب و هي الأسرار الإلهية والمعارف الربانية تنقسم إلى قسمين : أنوار أذن لها في الوصول إلى ظاهر القلب فقط فيشاهد معها نفسه و ربه ودنياه و آخرته . وأنوارٍ أذن لها في الدخول إلى صميم القلب و سويدائه فلا يحب العبد عند ذلك سوى مولاه و لا يفعل إلا ما يحبه سيده ويرضاه .
( 205 ) ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشواً بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت .
أي ربما وردت عليك أيها المريد الأنوار الإلهية فوجدت قلبك محشواً بصور الآثار الكونية : من أموال و أولاد و غيرهما فارتحلت من حيث نزلت لأنها مقدسة عن حلولها في القلب المدنس بالأغيار . و قد ذكر المصنف ما هو في معنى التفريغ فقال : .
( 206 ) فرغ قلبك من الأغيار يملأه بالمعارف و الأسرار .
أي إذا أردت أيها المريد حلول الأنوار في قلبك و تجلي الأسرار و المعارف عليه من ربك ففرغه من صور الأغيار يملأه بالمعارف و الأسرار .
( 207 ) لا تستبطئ منه النوال و لكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال .
أي لا تستبطئ أيها المريد من ربك العطاء فتقول : أردت الفتح فلم يفتح لي و لكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال عليه بترك ما عداه و تسليم الأمر إليه فإن من تعلق بالأغيار لا يصلح أن يكون من الأخيار . فاصدق في الإرادة تنل منه الحسنى وزيادة