( 179 ) ربما رزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة .
يعني : أن الكرامة التي هي الأمر الخارق للعادة لا عبرة بها عند المحققين وإنما الكرامة الحقيقية هي الاستقامة . ومرجعها إلى أمرين : صحة الإيمان بالله D واتباع ما جاء به رسوله A ظاهراً وباطناً . ولذا قال أبو يزيد : لو أن رجلاً بسط مصلاه على الماء وتربع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه في الأمر والنهي .
وقيل له : أن فلاناً يمر في ليلة إلى مكة فقال : أن الشيطان يمر في لحظة من المشرق إلى المغرب .
وقيل له : أن فلاناً يمشي على الماء فقال : الحيتان في الماء والطير في الهواء أعجب من ذلك .
( 180 ) من علامة إقامة الحق لك في الشيء إقامته إياك فيه مع حصول النتائج .
يعني : أن من علامة إقامة الله تعالى لك في الشيء كالاكتساب أو التجريد إقامته أي إدامته إياك فيه مع حصول النتائج أي الثمرات كسلامة الدين ووجود الربح من الكسب .
ص 127 .
( 181 ) من عبر من بساط إحسانه أصمتته الإساءة ومن عبر من بساط إحسان الله إليه لم يصمت إذا أساء .
يعني : أن من انبسط لسانه بالنصيحة والموعظة والتكلم في علوم القوم وعبر من بساط إحسانه أي من إحسانه للطاعة الشبيه بالبساط أصمتته أي أسكتته الإساءة فينقبض عن ذلك التعبير عند صدور المعصية منه لما يعتريه من الخجل والحياء من ربه وهذه طريقة أهل التكليف الذين ينظرون إلى ما منهم إلى الله . وأما من عبر من بساط إحسان الله إليه فإنه لم يصمت إذا أساء أي لم يسكت عن التعبير إذا صدرت منه معصية لأن غيبته عن نفسه ومشاهدته لوحدانية ربه أوجبت جراءته على ذلك وهذه طريقة أهل التعريف الذين ينظرون إلى ما من الله تعالى إليهم .
( 182 ) تسبق أنوار الحكماء أقوالهم فحيث صار التنوير وصل التعبير .
يعني : أن العارفين بالله تعالى المعبر عنهم بالحكماء إذا أرادوا إرشاد عباد الله توجهوا إلى الله بقلوبهم في هدايتهم واستعدادهم لقبول ما يرد عليهم من أقوالهم فيجيبهم لذلك فيخرج حينئذ من قلوبهم أنوار ناشئة من نور سرائرهم تسبق أقوالهم .
فحيث صار أي حصل التنوير في قلوب السامعين وصل التعبير فينتفعون بأقوالهم أتم انتفاع .
ثم علل ذلك بقوله : .
( 183 ) كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز .
يعني : أن اللسان ترجمان القلب . فإذا تطهر القلب من الأغيار وأشرقت عليه الأنوار اكتسى الكلام نوراً وانتفعت به السامعون وازدادوا سروراً . وأما إذا تدنس القلب بالذنوب فإن كلام صاحبه يوجب قسوة القلوب