البصيرة هو اجتماع الأمرين أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل وأخبر عن الأمرين بقوله : ( دليل ) لأن فعيلاً يستوي فيه المفرد وغيره . وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالاً من طلب الحلال بات مغفوراً له " .
( 6 ) لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفي الوقْتِ الذي يريدُ لا في الوقْت الذي تُريدُ .
أي لا يكن تأخر وقت العطاء المطلوب مع الإلحاح أي المدوامة في الدعاء موجباً ليأسك من إجابة الدعاء فهو سبحانه ضمن لك الإجابة بقوله : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ( 60 ) غافر فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك فإنه أعلم بما يصلح لك منك . فربما طلبت شيئاً كان الأولى منعه عنك فيكون المنع عين العطاء . كما قال المصنف فيما يأتي : ربما منعك فأعطاك وربما أعطاك فمنعك . يشهد ذلك مَنْ تَحَقَّقَ بمقام { وَعَسى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ( 216 ) البقرة ولذا قال بعض العارفين : ومَنْعُكَ في التحقيق ذا عين إعطائي . وكذلك ضمن لك الإجابة في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد . فكن موسويَّ الصبر فإن الصبر وعدم الاستعجال أولى بالعبيد . ألا ترى أن موسى كان يدعو على فرعون وقومه