اجعل بربك شأن عز زك يستقر ويثبت .
فإن اعتززت بمن يمو ت فإن عزك ميت .
( 87 ) الطي الحقيقي أن تطوي مسافة الدنيا عنك حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك .
يعني : أن الطي الحقيقي ليس هو أن تطوي مسافة الأرض حتى تكون من أهل الحظوة فإن ذلك ربما كان استدراجاً . وإنما هو أن تطوي - أيها المريد - مسافة الدنيا عنك بأن لا تركن إليها بل تغيب عنها حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك فإنه متى أشرق نور اليقين في قلبك تنعدم الدنيا في نظرك وترى الآخرة حاضرة لديك ومتى شاهدت أن ذاتك فانية فإنك ترى الآخرة أقرب إليك منك بهذا الاعتبار . ومن كانت هذه مشاهدته فلا يتصور منه حب الغائب الفاني وهو الدنيا واستبداله بالحاضر الباقي وهو الآخرة . ولذلك كان أصل الرغبة في الدنيا وإيثارها على الآخرة ضعف اليقين .
( 88 ) العطاء من الخلق حرمان والمنع من الله إحسان .
يعني : أن العطاء من الخلق مع الغفلة عن الحق حرمان في نفس الأمر لأنه يوجب حبهم والتعلق بهم وصرف الوقت في مكافأتهم وذلك يوجب ذهول القلب عن الحق فيفوته من المعارف ما لا يحصى وأي حرمان أعظم من ذلك . وما ألطف قول بعضهم : .
فلا ألبس النعما وغيرك ملبسي ولا أقبل الدنيا وغيرك واهبي .
والمنع من الله إحسان في الحقيقة لاقتضائه الالتجاء إليه ودوام وقوف السائل بين يديه وذلك عبودية و أي إحسان أعظم من التوفيق لها .
( 89 ) جل ربنا أن يعامله العبد نقداً فيجازيه نسيئة .
أي تعالى ربنا عن أن يعامله العبد بالعمل الصالح نقداً أي معاملة ناجزة