الأحوص لو أقمنا اليوم فتغدينا على هذه الغدر ففعلا ورفع لهما قصر فلما أكلا ووضعنا شرابهما فتح باب القصر فخرجت جارية بيضاء من أشد الناس بياضا وأحسنهم شعرا في يدها جرة فوردت الغدير بتلك الجرة فاستقت من ذلك الماء حتى إذا كانت على خمس أو نحوها ألقت الجرة فكسرتها وقعدت فاندفعت تغني بحذق .
يا بيت عاتكة التي أتغزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكل .
إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسما إليك مع الصدود لأميل .
فقال معبد غنائي والله وقال الأحوص شعري والله فلما سمعا ذلك منها قاما إليها فسلما عليها وسألاها إعادة الصوت فأعادته فقالا لها من أين أنت فقالت مكية كنت لآل الوليد فحج هذا المخزومي الذي أنا عنده فابتاعني من أهلي بخمسين ألف درهم فنزلت من قلبه أحسن منزلة إذا طرقت عليه ابنة عم له فنزلت أحسن المنازل وعلا مكانها فلم يزدها إلا ارتفاعا ولم يزدني إلا اتضاعا حتى بلغت منزلتها أن قالت لست براضية حتى تأمرها تستقي الماء من الغدير كل يوم جرتين ففعل فأنا إذا ذكرت ما كنت فيه من النعمة كسرت الجرة وإذا اعترفت بالملكة أديت إليهم جرتهم مملوءة .
حدثني بعض إخواني عن صديق له أنه عشق أمراة كانت في نهاية الحسن والجمال وأنه كان يخاطر بنفسه ليجتمع بها .
قال فقال لي يوما والله لو اجتمعت بها ثم قدمت فضربت عنقي ما باليت ثم إنه تزوجها فمضى عليه قليل ثم طلقها .
قال فمررت يوما أنا وهو في بعض الطريق بحمأة منتنة فقال لي يا فلان والله إن فلانة اليوم أقبح عندي حالا من هذه الحمأة