وأمر بإخراج الجارية إلى الجماعة فحين أخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا فعلم بذلك أن الأمر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته إليها فقال له ابن أبي حامد هذه جاريتك فقال نعم هذه جاريتي واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها فقال له خذها بارك الله لك فيها فجزاه أبو حامد خيرا وتشكر له وسأله قبض المال فإنه كان قدره ثلاثة آلاف درهم فأبى أن يأخذه وطال الكلام في بابه فقال له أبو حامد إنما قصدنا نسأل الإقالة لم نقصد لأخذها على هذا الوجه .
فقال له ابن أبي حامد هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل حاجته وقلة ذات يده ومتى أخذ المال منه خيف عليه من أن يبيعها ممن لا يردها عليه فالمال يكون في ذمته فإذا جاءه نفقة من بلده جاز أن يرد ذلك .
فوهب المال له وكان عليها من الحلي والثياب شيء له قدر كثير فقال له أبو حامد إن رأى أيده الله أن يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلي الذي عليها فما لهذا الفقيه أحد ينفذ به على يديه .
فقال له يا سبحان الله هذا شيء أشغفناها به ووهبناه لها سواء كانت في ملكنا أو خرجت عن قبضتنا لسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك ولا يجوز .
فعرف أبو حامد أن الوجه ما قاله فلم يلح في ذلك بل حسن موقعه من قلبه وقلب صاحب الجارية فلما أراد أن ينهض ويودعه قال ابن أبي حامد أريد أسألها قبل إنصرافها عن شيء فقال لها يا جارية أيما أحب إليك نحن أو مولاك هذا الذي باعك وأنت الآن له فقالت يا سيدي أما أنتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد أحسنتم