ابن المهدي زمن المأمون عند عمته وكانت تكرمه غاية الكرامة ووكلت به جارية قد أدبتها وأنفقت عليها الأموال وكانت حاذقة راوية للشعر وكانت قد طلبت منها بخمسين ومائة ألف درهم وكانت تلي خدم إبراهيم وتقوم على رأسه فهويها وكره طلبها من عمته فلما اشتد وجده بها وسكر أخذ عودا وغنى بشعر له فيها وهي واقفة على رأسه .
يا غزالا لي إليه ... شافع من مقلتيه .
والذي أجللت خديه فقبلت يديه .
بأبى وجهك ما ... أكثر حسادي عليه .
أنا ضيف وجزءا الضيف ... إحسان إليه .
فسمعت الجارية الشعر وفطنت لمعناه لرقتها وظرفها وكانت مولاتها تسألها عن حالها وحاله كل يوم فأخبرتها في ذلك اليوم بما في قلبه منها وبما سمعت منه من الشعر والغناء فقالت لها مولاتها أذهبي فقد وهبتك له .
فعادت إليه فلا رآها أعاد الصوت فأكبت عليه الجارية فقبلت رأسه فقال لها كفى فقالت قد وهبتني مولاتي لك وأنا الرسول فقال أما الآن فنعم .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا القاضي أبو الطيب الطبري قال حدثنا المعافى بن زكريا قال حدثنا عبد الله ابن منصور الحارثي قال حدثنا ابو إسحاق الطلحي قال حدثني عبيد الله ابن القاسم قال عشق التيمي وهو عبد الله بن أيوب أو محمد التيمي الشاعر جارية عند بعض النخاسين فشكى وجده بها إلى أبي عيسى بن الرشيد فقال أبو عيسى للمأمون يا أمير المؤمنين إن التيمي يجد بجارية لبعض النخاسين وقد كتب إلي بيتين يسألني فيهما فقال له ما كتب به إليك فأنشده .
يا أبا عيسى إليك المشتكى ... وأخو الصبر إذا عيل اشتكى