فقعدوا لطلبه في ليلتهم تلك فأرسلت إليه أن القوم يريدونك فكن على حذر وإياك والغفلة فجاءت السماء بمطر حال بينهم وبين طلبه ثم انجلت السحاب وطلع القمر فتطيبت الجارية ونشرت شعرها وأعجبت بنفسها واشتهت أن يراها على تلك الحالة فقالت لترب لها قد كانت أطلعتها على شأنها يا فلانة أسعديني على المضي إليه فخرجتا تريدانه وهو على الجبل خائف من الطلب فبصر بشخصين يسيران في القمر فلم يشك أنهما من الطالبين فانتزع سهما فما أخطأ قلب صاحبته فسقطت لوجهها مضرجة بدمها فلم تزل تضطرب حتى ماتت فبهت شاخصا ينظر إليها ثم أنشأ يقول .
نعب الغراب بما كرهت ... ولا إزالة للقدر .
تبكي وأنت قتلتها ... فاصبر وإلا فانتحر .
ثم جمع نبله فجعل يجأ بها أوداجه حتى قتل نفسه ... أخبرنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن محمد قال أنبأنا عبد الملك قال أنبأنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا أبو بكر الخرائطي قال حدثنا محمد بن جعفر الدولابي قال حدثنا علي بن عيسى عن عبد الرحمن بن إسحاق قال انحدرت من سر من رأي مع إسحاق بن إبراهيم فلما صرنا إلى موضع يقال له العلث دعى بالطعام فأكلنا وحول من الحراقة التي فيها الخدم جاريتين عوادة وطنبورية ومدت ستارة فغنت الطنبورية .
يا رحمتا للعاشقينا ... ما إن أرى لهم معينا .
كم يهجرون ويبعدون ... ويضربون فيصبرونا .
فقالت لها العوادة فيصنعون ماذا إذا لم يصبروا فهتكت الستارة وقالت يصنعون هكذا وألقت بنفسها في دجلة فغرقت