فلما طال عليها ذلك وخشيت أن تبدي به وقفت في بعض طرقه التي كان يمر فيها فقالت .
ألا أيها الساهي وليس بذي سهو ... رويدك إني عنك لست بذي لهو .
قال فوقف فقال لها ما حاجتك فقالت أتنصف من ناظرك أم تجوز عليه في حكمك إذ صير أمره إليك .
فقال لها ويحك إني قد أنكرت مقالتك إنكارا شديد واستوحشت منها جوارحي وما أجد إلى الوقوف معك سبيلا أحتج به عند ربي غدا ثم ولى وتركها .
فأتى منزله مغموما منا فلزم منزله فكان لا يخرج منه حذارا أن يلقاها فتكلمه .
قال وكانت امرأة ذات جمال وهيبة وجعلت تطلبه وتسأل عنه من يعرفه فيخبرها أنه قد لزم بيته فلما طال ذلك عليها كتبت بهذه الأبيات .
تقول التي قد شفها حب ناسك ... وأمرضها حتى تغير حالها .
وصيرها مثل القضيب بروضة ... تزعزعه ضعفا هناك شمالها .
وخلاه للأحزان فردا معذبا ... ومالي والأحزان مالي ومالها .
أفي النسك أن لا ترحم اليوم عاشقا ... شكا حرقة في القلب من ظالم لها .
قال وبعثت بها إليه وقالت للرسول أخبريه بما ترى من شدة الألم فلعل الله أن يسهل أمره ويعطف قلبه ولا تقصري في ترغيبه في وماله في ذلك من الأجر .
قال فأتته المرأة فاستأذنت عليه فأذن لها فدخلت عليه فسلمت عليه وقالت أيها الرجل إني قد حملت نفسي على أمر لم يكن من شأني غير أني تحملته