وأنا أرعد فزعا ولو كان بدأ بي فوجدني أرعد لقتلني وكان يظن أنني صاحب القصة فلما أراده الله من حياتي بدأ بصاحب القصة فوضع يده على قلبه فوجده يخفق وقد تناوم عليه الرجل يرجو بذلك السلامة فوضع السكين في فؤاده وأمسك فاه فاضطرب الرجل وتلف وأخذ بيد غلامه وانصرف .
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا علي بن المحسن عن أبيه قال حدثني أبو القاسم بهلول بن أبي طالب القاضي صاحب الربع بباب الشام قال كنت أعمل مع صاحب الشرطة ببغداد فاخرج لصوصا من الحبس واستأذن معز الدولة في قتلهم وصلبهم عند الجسر فأذن له فصلبهم عشاء وكانوا عشرين رجلا ووكل بهم جماعة فكنت فيهم والرئيس علينا فلان وقالوا كونوا عند خشبهم بقية يومكم وليلتكم حتى إذا كانوا من غد ضربت أعناقهم .
فبتنا ونمنا فاحتال بعض اللصوص في أن قطع الحبل ونزل من الخشبة فما انتبهنا إلا بصوت وقوعه وعدوه فعدا رئيسنا وأنأ خلفه فما لحقناه وخفنا أن يتشوش الرجالة الباقون فيفلت إنسان آخر فرجعنا مسرعين وجلسنا مغمومين نفكر ماذا نعمل .
فقال رئيسنا إن صاحب الشرطة لا يقيل عثرة ولا يقبل عذرا ويقع له أنني قد أخذت من اللص مالا وأطلقته فيضربني للتقرير فلا أقر فيقع له أني أتجلد فيمد الضرب علي إلى أن أتلف فما الرأي .
فقلت له نهرب قال فمن أين نعيش فقلت هذا نصف الليل ولم يعلم بما جرى أحد فقم فلن يخلو أن يقع بأيدينا مشئوم قد جاءت منيته فنوثقه ونصلبه ونقول سلمت إلينا عشرين رجلا وهؤلاء عشرون فإنه ما اثبت حلاهم .
فقال هذا صواب فقمنا نطوف وسلكنا طريق الجسر لنعبر إلى الجانب الغربي