والتحقيق أن العشق شدة ميل النفس إلى صورة تلائم طبعها فإذا قوى فكرها فيها تصورت حصولها وتمنت ذلك فيتجدد من شدة الفكر مرض .
فصل في ذكر مراتب العشق .
أول ما يتجدد الاستحسان للشخص ثم يجلب إرادة القرب منه ثم المودة وهو أن يود أن لو ملكه ثم يقوى الود فيصير محبة ثم يصير خلة ثم يصير هوى فيهوي بصاحبه في محاب المحبوب من غير تمالك ثم يصير عشقا ثم يصير تتيما والتتيم حالة يصير بها المعشوق مالكا للعاشق لا يوجد في قلبه سواه ومنه تيم الله .
ثم يزيد التتيم فيصير ولها والوله الخروج عن حد الترتيب والتعطل عن احوال التمييز .
وقال بعض العلماء أول مراتب العشق الميل إلى المحبوب ثم يستحكم الهوى فيصير مودة ثم تزيد بالمؤانسة وتدرس بالجفاء والأذى ثم الخلة ثم الصبابة وهي رقة الشوق يولدها الألفة ويبعثها الإشفاق ويهيجها الذكر ثم يصير عشقا وهو أعلى ضرب .
فمبتدؤه يصفي الفهم ويهذب العقل كما قال ذو الرياستين لأصحابه اعشقوا ولا تعشقوا حراما فإن عشق الحلال يطلق اللسان العيي ويرفع التبلد ويسخي كف البخيل ويبعث على النظافة ويدعو إلى الذكاء .
فإذا زاد مرض الجسد فإذا زاد جرح القلب وأزال الرأي واستهلك العقل ثم يترقى فيصير ولها ويسمى ذو الوله مدلها ومستهاما ومستهترا وحيران ثم