أني نظرت إلى أحد من الناس حتى كلمتني .
فقال لعمري لقد كان هذا نظر شؤم عليك ألبسك طول العناء وأورثك إدمان البكاء .
فقال هذا لعمري كذاك لقد بكيت حتى نفد دمعي وقلص فما أقدر على قطرة إلا في بعض الأيام فإذا بكيت وجدت لذلك راحة وسلوا ما .
قال فما النظر الذي بلغ بك هذا كله فقال حضر بعض أعيادنا فأتاني جماعة وفيهم شخص حير عقلي كماله فكررت النظر إليه مرارا فزرع في قلبي زرعا لا تحصده المناجل ولا تسفيه الرماح ولا يزداد على مر الأيام إلا جدة وثباتا فلما رأيت ذلك عاتبت قلبي كي يراجعني فأبى إلا التعلق به والتعرض له والتطلب لأسباب قربه فلما رأيته مقيما على مخالفتي وماضيا على عصياني عاهدت الله أن لا أرى أحدا ولا يراني وهذه عقوبة كل طرف مال إلى غير ما أمره الله حتى يرجع إلى ما أمره أو يعلم انه قد عفى له عما أجرم .
ثم أخذ في البكاء فانصرفنا وتركناه .
أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج قالت أنبأنا جعفر بن أحمد قال أنبأنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا أبو صالح السمرقندي قال حدثنا الحسين بن القاسم بن اليسع قال أنبأنا أحمد بن محمد بن عمرو الدينوري قال حدثنا جعفر ابن عبد الله الصوفي قال قال أبو حمزة حدثني ابو العمر حسام بن المضاء المصري قال غزوت في زمن الرشيد في بعض المراكب فلججنا في البحر فكسر بنا في بعض جزائر صقلية فخرج من أفلت وخرجت معهم فرأيت في بعض الجزائر رجلا لا يملك دمعه من كثرة البكاء فسألته عن حاله وقلت له ارفق بعينك فإن البكاء قد أضر بهما فقال إلا ذلك قلت ما جنايتهما عليك حتى تتمنى لها البلاء فقال جناية لا أزال إلى الله معتذرا منها أيام حياتي قلت وما هي قال سرعة نظرهما إلى الأمور المحظورة عليهما ولقد أوقعاني في ذنب نظرت إليه لولا الرجاء لرحمة الله ليئست أن يعفى عنه لي .
فبالله لو صفح الله لي عنه وأدخلني