( هل أنت ذاكر ما أوليت من حسن ... وشاكر كل ما خولت من نعم ) .
( براك باريء هذا الخلق من عدم ... بحت ولولاه لم تخرج من العدم ) .
( أنشاك من حمأ ولا حراك به ... فجئت منتصبا تمشي على قدم ) .
( مكمل الأدوات آية عجبا ... موفر العقل من حظ ومن فهم ) .
( ترى وتسمع كلا قد حبيت به ... فضلا وتنطق بالتبيين والحكم ) .
( هداك بالعلم سبل الصالحين له ... وكنت من غمرات الجهل في ظلم ) .
( ماذا عليك له من نعمة غمرت ... كل الجهات ولم تبرح ولم ترم ) .
( غراء كالشمس قد ألقت أشعتها ... حتى ليبصرها عليك كل عمي ) .
( فاشكر ولست مطيقا شكرها أبدا ... ولو جهدت فسدد ويك والتزم ) .
( رزق وأمن وإيمان وعافية ... متى تقوم بشكر هذه النعم ) .
( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه إن ربك هو الخلاق العليم ) .
( فمن آمن بهذا لم يضق صدره عن الإيمان بالنشأة الثانية وكان منتظرا لها مشتغلا بالفكرة فيها وإنها لموضع الانتظار وموضع الاشتغال آناء الليل وأطراف النهار لكن حب العاجل والاشتغال بالحاضر والنظر إلى هذا الخيال القائم صرف وجه القلب عن استعمال الحقيقة في هذا الأمر وطمس عينه عن النظر إليها وسد مجاري فكره عن التصرف فيها فلو اشتغل ونظر وتفكر لأذهله ذلك عن الأهل والمال وشغله عن قيل وقال وصرفه عن لذة الحال إلى المآل لكنه إن لم ينظر الآن فسينظر في وقت لا ينفعه فيه النظر ولا ينقضي له به وطر وسيقدم فيعلم