أتراك كنت مفتديا من هذا المقام بما كنت جمعت من حطام بل بما جمعه جميع الأنام من حلال وحرام بل بما لا يحصر من أضعاف ذلك ولا يحد ولا يجمع ولا يعد .
ولعلك يا هذا قد كنت في الدنيا لا ترضى بمنزلك المتسع ولا بشملك المجتمع ولا تقنع برزق ربك المتدفق عليك المندفع فانظر رحمك الله لنفسك فادفع عنك جوانب هذه الحفرة ونفس عنك من هذه الضمة وآنس من هذه الوحشة واعمل ما وجدت سبيلا للعمل وما دمت في فسحة ومهل ومهد المضجع ووطيء لذلك المصرع وارغب وتوسل واضرع وتذلل فلعل الإله المعبود الذي عم جوده الوجود وكرمه لا محصور ولا معدود وفيض نعمه لا مقطوع ولا محدود سيرسل منه قطرة تغمر العرش والذرة فيصيبك منه بنصيب ويبلك منه بذنوب ويعمك منه بشؤبوب وقد انقطع الرجاء إلا منه وسدت الأبواب إلا عنه جل وعلا وتبارك وتعالى .
حدثني الفقيه أبو الحكم بن برجان وكان من أهل العلم والعمل C أنهم دفنوا ميتا بقريتهم من شرق إشبيلية فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدثون ودابة ترعى قريبا منهم وإذا بالدابة قد أقبلت مسرعة إلى القبر فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ثم ولت فارة ثم عادت إلى القبر فجعلت أذنيها عليه كأنها تسمع ثم ولت كذلك ثم أعادت ذلك مرة بعد أخرى قال أبو الحكم C فذكرت عذاب القبر وقول النبي A إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم والله D أعلم بما كان من أمر ذلك الميت ذكر هذه الحكاية لما قرأ القاريء هذا الحديث في عذاب القبر ونحن إذ ذاك نسمع عليه كتاب مسلم بن الحجاج Bه .
وروي أن بعض النباشين نبش ذات ليلة قبرا فلما كشف عن الميت إذا بنار تحرق الميت فأهوت إليه منها شرارة فهرب وتاب إلى الله D