( فأوهمتهم أني جهلت وأنني ... لأدري بذاك الأمر منهم وأفهم ) .
( فقالوا طلبنا علم ذاك فلم نجد ... سوى رمم ممن تحب وتعظم ) .
( تضوع بطن الأرض منها كأنما ... تفتق من دارين مسك مختم ) .
( ففاضت دموعي عند ذاك وربما ... تشهر بالدمع السرار المكتم ) .
( خليلي ما بالي وبال نوائب ... يراع لذكراها فؤادي ويكلم ) .
( ومما شجاني وهو أعظم أنني ... قذفت به مسودة الجوف تلطم ) .
( ولم أدر ما كانت تحية خصمه ... له هل ببشرى أم بشنعاء تقصم ) .
( وأعظم منها موقعا وأشده ... وما خصني أدهى علي وأعظم ) .
( بأني في تلك المسالك سالك ... أساق إليها أن أبيت وأرغم ) .
( وما أنا أدري ما ألاقي وما الذي ... عليه إذا ما كان ذلك أقدم ) .
( فهل من دم أبكيه صرفا فإنما ... يبكى على هذا من المقلة الدم ) .
وقد تقدم أن الميت يتأذى ببكاء أهله عليه وفيه حديث ابن أبي شيبة يقول النبي A يا عباد الله لا تعذبوا أمواتكم .
وربما يتأذى كذلك أو أكثر من ذلك ببكاء غير أهله ويعتبر ذلك بالحي إذا بكى عنده من ليس له غرض في بكائه ولا إرادة في عويله .
يروى عن أبي بكر بن اللباد قال حدثتني عائشة الأندلسية وكانت عائشة هذه من الصالحات قالت توفي لي ولد بمصر فقدمت القيروان فكنت أخرج إلى المقابر في باب سلم فأجلس عند قبر وأبكي فرأيت ذات ليلة كأني خرجت إلى باب سلم على عادتي وإذا أهل القبور قعود على أفنية قبورهم الرجال والنساء والصبيان فلما أقبلت إلىالموضع الذي كنت أبكي عنده سمعت أهل القبور يقولون قد جاءت هذه المرأة ألها عندنا قبر تبكي عليه قالوا لا قالوا فلم تؤذينا ببكائها قالت ثم لطمني منهم ميت في خدي الأيمن قالت فقلت لهم أتلطمون خدي وقد مسست به الركن