فقيل لوهيب أي شيء تقول أنت فقال أنا لا أختار شيئا أحب ذلك الي أحبه إلى الله D فقبل الثوري بين عينيه وقال روحانية ورب الكعبة .
وقال علي بن جهضم عن علي بن عثمان بن سهل دخلت على عمرو بن عثمان وهو في علته التي توفي فيها فقلت له كيف تجدك .
فقال أجد سري واقفا مثل الماء لا يختار النقلة ولا المقام .
يعني مثل الماء في الإناء أو القرار من الأرض يقول لا يختار الحياة ولا الموت وقال القائل في هذا المعنى المعنى .
( كل ما يفعل الحبيب حبيب ... والذي شاء بي فشيء عجيب ) .
( إن سكون أراد بي فسكون ... أو وحيب اراد بي فوجيب ) .
( وإذا ما أراد موتي فموتي ... أو حياتي لكل ذاك أجيب ) .
( كل ما كان من قضاء فيحلو ... بفؤادي نزوله ويطيب ) .
فهذا إذا مات لا يسأل عن حاله ولا يقال ما فعل به .
ومنهم من يتمنى الموت ويشتهيه ويسأله ربه تعالى ويرغب إليه فيه وقد علم أن وراءه يوما ثقيلا وحبسا طويلا ومقاما يقوم فيه ذليلا لكن لما رأى نفسه منصوبا للمحن معرضا للفتن مرتهنا بما هو به مرتهن وأبصر تفريطه في الزاد ليوم المعاد وفي الاستعداد ليوم الإشهاد وخاف أن يقتطع عن سبيل المؤمنين ويختلج عن طريق المسلمين تمنى الموت لينجو من هذا الخطر ويسلم من هذا الغرر وأن يقدم على الله D بالإيمان كائنا منه بعد ذلك ما كان وهذا إن شاء الله إذا مات خرجت له البشرى بالأمان وأن يحتل في جوار الرحمن حيث شاء من دار الكرامة والرضوان .
واعلم أن هذا لا يدخل تحت قوله عليه السلام لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإنه عليه السلام إنما أراد الضرر الدنيوي الذي ينزل بالإنسان من محن الدنيا في النفس والأهل والمال وهذا إنما تمناه مخافة أن ينزل به الضرر الأخروي وأن يقتطع بالمعاصي عن الله وأن يصد بالفتن عن سبيل الله