كلام كل واحد منهما إلى الآخر فهو ذو لسانين وهو شر من النميمة إذ يصير نماما بأن ينقل من أحد الجانبين فقط فإذا نقل من الجانبين فهو شر من النمام وإن لم ينقل كلاما ولكن حسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه فهذا ذو لسانين وكذلك إذا وعد كل واحد منهما بأن ينصره وكذلك إذا أثنى على واحد منهما في معاداته وكذلك إذا أثنى على أحدهما وكان إذا خرج من عنده يذمه فهو ذو لسانين بل ينبغي أن يسكت أو يثني على المحق من المتعاديين ويثني عليه في غيبته وفي حضوره وبين يدي عدوه .
قيل لابن عمر Bهما إنا ندخل على أمرائنا فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله A // حديث قيل لابن عمر إنا ندخل على أمرائنا فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره قال كنا نعد ذلك نفاقا على عهد رسول الله A أخرجه الطبراني من طرق // وهذا نفاق مهما كان مستغنيا عن الدخول على الأمير وعن الثناء عليه فلو استغنى عن الدخول ولكن إذا دخل يخاف إن لم يثن فهو نفاق لأنه الذي أحوج نفسه إلى ذلك فإن كان مستغنيا عن الدخول لو قنع بالقليل وترك المال والجاه فدخل لضرورة الجاه والغنى وأثنى فهو منافق وهذا معنى قوله A حب المال والجاه ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل // حديث حب الجاه والمال ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة بسند ضعيف إلا أنه قال حب الغناء وقال العشب مكان البقل // لأنه يحوج إلى الأمراء وإلى مراعاتهم ومراءاتهم فأما إذا ابتلى به لضرورة وخاف إن لم يثن فهو معذور فإن اتقاء الشر جائز قال أبو الدرداء Bه إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم وقالت عائشة Bها استأذن رجل على رسول الله A فقال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو ثم لما دخل ألان له القول فلما خرج قلت يا رسول الله قلت فيه ما قلت ثم ألنت له القول فقال يا عائشة إن شر الناس الذي يكرم اتقاء شره // حديث عائشة استأذن رجل على رسول الله A فقال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة الحديث وفيه إن شر الناس الذي يكرم اتقاء لشره متفق عليه وقد تقدم في الآفة التي قبلها // .
ولكن هذا ورد في الإقبال وفي الكشر والتبسم فأما الثناء فهو كذب صراح ولا يجوز إلا لضرورة أو إكراه يباح الكذب بمثله كما ذكرناه في آفة الكذب بل لا يجوز الثناء ولا التصديق ولا تحريك الرأس في معرض التقرير على كل كلام باطل فإن فعل ذلك فهو منافق بل ينبغي أن ينكر فإن لم يقدر فيسكت بلسانه وينكر بقلبه الآفة الثامنة عشرة المدح .
وهو منهي عنه في بعض المواضع أما الذم فهو الغيبة والوقيعة فقد ذكرنا حكمها والمدح يدخله ست آفات أربع في المادح واثنتان في الممدوح .
فأما المادح فالأولى أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب قال خالد بن معدان من مدح إماما أو أحدا بما ليس فيه على رءوس الأشهاد بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه .
والثانية أنه قد يدخله الرياء فإنه بالمدح مظهر للحب وقد لا يكون مضمرا له ولا معتقدا لجميع ما يقوله فيصير به مرائيا منافقا .
الثالثة أنه قد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل له إلى الاطلاع عليه وروي أن رجلا مدح رجلا عند النبي A فقال له عليه السلام ويحك قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح ثم قال إن كان أحدكم لا بد مادحا