معك ضاغطا وقامت بذلك بين نسائها واشتكت عمر فلما بلغه ذلك دعا معاذا وقال بعثت معك ضاغطا قال لم أجد ما أعتذر به إليها إلا ذلك فضحك عمر Bه وأعطاه شيئا فقال أرضها به ومعنى قوله ضاغطا يعني رقيبا وأراد به الله تعالى وكان النخعي لا يقول لابنته أشتري لك سكرا بل يقول أرأيت لو اشتريت لك سكرا فإنه ربما لا يتفق له ذلك وكان إبراهيم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية قولي له أطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذبا وكان الشعبي إذا طلب في المنزل هو يكرهه خط دائرة وقال للجارية ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا وهذا كله في موضع الحاجة فأما في غير موضع الحاجة فلا لأن هذا تفهيم للكذب وإن لم يكن اللفظ كذبا فهو مكروه على الجملة كما روى عبد الله بن عتبة قال دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه فخرجت وعلي ثوب فجعل الناس يقولون هذا كساكه أمير المؤمنين فكنت أقول جزى الله أمير المؤمنين خيرا فقال لي أبي يا بني اتق الكذب وما أشبهه فنهاه عن ذلك لأن فيه تقريرا لهم عن ظن كاذب لأجل غرض المفاخرة وهذا غرض باطل لا فائدة فيه .
نعم المعاريض تباح لغرض خفيف كتطييب قلب الغير بالمزاح كقوله A لا يدخل الجنة عجوز // حديث لا يدخل الجنة عجوز وحديث في عين زوجك بياض وحديث نحملك على ولد البعير تقدمت الثلاثة في الآفة العاشرة // وقوله للأخرى الذي في عين زوجك بياض وللأخرى نحملك على ولد البعير وما أشبهه وأما الكذب الصريح كما فعله نعمان الأنصاري مع عثمان في قصة الضرير إذ قال له إنه نعيمان وكما يعتاده الناس من ملاعبة الحمقى بتغريرهم بأن امرأة قد رغبت في تزويجك فإن كان فيه ضرر يؤدي إلى إيذاء قلب فهو حرام وإن لم يكن إلا لمطايبته فلا يوصف صاحبها بالفسق ولكن ينقص ذلك من درجة إيمانه .
قال A لا يكمل للمرء الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وحتى يجتنب الكذب في مزاحه // حديث لا يستكمل المؤمن إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وحتى يجتنب الكذب في مزاحه ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب من حديث أبي مليكة الذماري وقال فيه نظر وللشيخين من حديث أنس لا يؤمن أحد منكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وللدارقطني في المؤتلف والمختلف من حديث أبي هريرة لا يؤمن عبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في مزاحه قال أحمد بن حنبل منكر // .
وأما قوله A إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها الناس يهوى بها في النار أبعد من الثريا // حديث إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها الناس يهوى بها أبعد من الثريا تقدم في الآفة الثالثة // .
أراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاء قلب دون محض المزاح .
ومن الكذب الذي لا يوجب الفسق ما جرت به العادة في المبالغة كقوله طلبتك كذا وكذا مرة وقلت لك كذا مائة مرة فإنه لا يريد به تفهيم المرات بعددها بل تفهيم المبالغة فإن لم يكن طلبه إلا مرة واحدة كان كاذبا وإن كان طلبه مرات لا يعتاد مثلها في الكثرة لا يأثم وإن لم تبلغ مائة وبينهما درجات يتعرض مطلق اللسان بالمبالغة فيها لخطر الكذب .
ومما يعتاد الكذب فيه ويتساهل به أن يقال كل الطعام فيقول لا أشتهيه وذلك منهي عنه وهو حرام وإن لم يكن فيه غرض صحيح قال مجاهد قالت أسماء بنت عميس كنت صاحبة عائشة في الليلة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله A ومعي نسوة قالت فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن فشرب ثم ناوله عائشة قالت فاستحيت الجارية فقلت لا تردي يد رسول الله A خذي منه قالت فأخذت منه على حياء فشربت منه ثم قال ناولي صواحبك فقلن لا نشتهيه فقال لا تجمعن جوعا وكذبا قالت فقلت يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهيه أيعد ذلك كذبا قال