فقالوا أنت والدنا وأنت سيدنا وأنت أفضلنا علينا فضلا وأنت أطولنا علينا طولا وأنت الجفنة الغراء وأنت وأنت فقال قولوا قولكم ولا يستهوينكم الشيطان // حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه قدمت على رسول الله A في رهط من عامر فقالوا أنت والدنا وأنت سيدنا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة بلفظ آخر ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ المصنف إشارة إلى أن اللسان إذا أطنب بالثناء ولو بالصدق فيخشى أن يستهويه الشيطان إلى الزيادة المستغنى عنها وقال ابن مسعود أنذركم فضول كلامكم حسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته وقال مجاهد إن الكلام ليكتب حتى إن الرجل ليسكت ابنه فيقول أبتاع لك كذا وكذا فيكتب كذابا وقال الحسن يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بها ملكان كريمان يكتبان أعمالك فاعمل ما شئت وأكثر أو اقل وروي أن سليمان عليه السلام بعث بعض عفاريته وبعث نفرا ينظرون ما يقول ويخبرونه فأخبروه بأنه مر في السوق فرفع رأسه إلى السماء ثم نظر إلى الناس وهز رأسه فسأله سليمان عن ذلك فقال عجبت من الملائكة على رءوس الناس ما أسرع ما يكتبون ومن الذين أسفل منهم ما أسرع ما يملون وقال إبراهيم التيمي إذا أراد المؤمن أن يتكلم نظر فإن كان له تكلم وإلا أمسك والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا وقال الحسن من كثر كلامه كثر كذبه ومن كثر ماله كثرت ذنوبه ومن ساء خلقه عذب نفسه وقال عمرو بن دينار تكلم رجل عند النبي A فأكثر فقال له A كم دون لسانك من حجاب فقال شفتاي وأسناني قال أفما كان لك ما يرد كلامك // حديث عمرو بن دينار تكلم رجل عند النبي A فأكثر فقال كم دون لسانك من حجاب الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلا ورجاله ثقات // وفي رواية أنه قال ذلك في رجل أثنى عليه فاستهتر في الكلام ثم قال ما أوتي رجل شرا من فضل في لسانه وقال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه إنه ليمنعني من كثير من الكلام خوف المباهاة وقال بعض الحكماء إذا كان الرجل في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت وإن كان ساكتا فأعجبه السكوت فليتكلم وقال يزيد بن أبي حبيب من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع فإن وجد من يكفيه فإن في الاستمتاع سلامة وفي الكلام تزيين وزيادة ونقصان وقال ابن عمر إن أحق ما طهر الرجل لسانه ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة فقال لو كانت هذه خرساء كان خيرا لها وقال إبراهيم يهلك الناس خلتان فضول المال وفضول الكلام فهذه مذمة فضول الكلام وكثرته وسببه الباعث عليه وعلاجه ما سبق في الكلام فيما لا يعني الآفة الثالثة الخوض في الباطل .
وهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك ومراسمهم المذمومة وأحوالهم المكروهة فإن كل ذلك مما لا يحل الخوض فيه وهو حرام وأما الكلام فيما لا يعني أو أكثر مما يعني فهو ترك الأولى ولا تحريم فيه نعم من يكثر الكلام فيما لا يعني لا يؤمن عليه الخوض في الباطل وأكثر الناس يتجالسون للتفرج بالحديث ولا يعدو كلامهم التفكه بأعراض الناس أو الخوض في الباطل وأنواع الباطل لا يمكن حصرها لكثرتها وتفننها فلذلك لا مخلص منها إلا بالاقتصار علي ما يعني من مهمات الدين والدنيا وفي هذا الجنس تقع كلمات يهلك بها صاحبها وهو يستحقرها فقد قال بلال بن الحارث قال رسول الله A إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب