ومعناه أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهة والاستحباب فأما الحرام فكان فحشه ظاهرا وكان هشام بن عروة يقول لا تسألوهم اليوم عما أحدثوه بأنفسهم فإنهم قد أعدوا له جوابا ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها .
وكان أبو سليمان الداراني C يقول لا ينبغي لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به حتى يسمع به في الأثر فيحمد الله تعالى إذا وافق ما في نفسه وإنما قال هذا لأن ما قد أبدع من الآراء قد قرع الأسماع وعلق بالقلوب وربما يشوش صفاء القلب فيتخيل بسببه الباطل حقا فيحتاط فيه بالاستظهار بشهادة الآثار .
ولهذا لما أحدث مروان المنبر في صلاة العيد عند المصلى قام إليه أبو سعيد الخدري Bه فقال يا مروان ما هذه البدعة فقال إنها ليست ببدعة إنها خير مما تعلم إن الناس قد كثروا فأردت أن يبلغهم الصوت فقال أبو سعيد والله لا تأتون بخير مما أعلم أبدا ووالله لا صليت وراءك اليوم وإنما أنكر ذلك عليه لأن رسول الله A كان يتوكأ في خطبة العيد والاستسقاء على قوس أو عصا لا على المنبر // حديث كان يتوكأ في خطبة العيد والاستسقاء على قوس أو عصا أخرجه الطبراني من حديث البراء ونحوه في يوم الأضحى ليس فيه الاستسقاء وهو ضعيف رواه في الصغير من حديث سعد القرظي كان إذا خطب في العيدين خطب على قوس وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا وهو عند ابن ماجه بلفظ كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس الحديث // وفي الحديث المشهور من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد // حديث من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد متفق عليه من حديث عائشة بلفظ في أمرنا ما ليس منه وعند أبي داود فيه // وفي خبر آخر من غش أمتي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين قيل يا رسول الله وما غش أمتك قال أن يبتدع بدعة يحمل الناس عليها // حديث من غش أمتي فعليه لعنة الله الحديث أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث أنس بسند ضعيف جدا // وقال رسول الله A إن لله D ملكا ينادى كل يوم من خالف سنة رسول الله A لم تنله شفاعته // حديث إن لله ملكا ينادى كل يوم من خالف سنة رسول الله A لم تنله شفاعته لم أجد له أصلا // ومثال الجاني على الدين بإبداع ما يخالف السنة بالنسبة إلى من يذنب ذنبا مثال من عصى الملك في قلب دولته بالنسبة إلى من خالف أمره في خدمة معينة وذلك قد يغفر له فأما في قلب الدولة فلا .
وقال بعض العلماء ما تكلم فيه السلف فالسكوت عنه جفاء وما سكت عنه السلف فالكلام فيه تكلف .
وقال غيره الحق ثقيل من جاوزه ظلم ومن قصر عنه عجز ومن وقف معه اكتفى .
وقال A عليكم بالنمط الأوسط الذي يرجع إليه العالي ويرتفع إليه التالي // حديث عليكم بالنمط الأوسط الحديث أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث موقوفا على علي بن أبي طالب ولم أجده مرفوعا // وقال ابن عباس Bهما الضلالة لها حلاوة في قلوب أهلها قال الله تعالى وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وقال تعالى أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فكل ما أحدث بعد الصحابة Bهم مما جاوز قدر الضرورة والحاجة فهو من اللعب واللهو .
وحكى عن إبليس لعنه الله أنه بث جنوده في وقت الصحابة Bهم فرجعوا إليه محسورين فقال ما شأنكم قالوا ما رأينا مثل هؤلاء ما نصيب منهم شيئا وقد أتعبونا فقال إنكم لا تقدرون عليهم قد صحبوا نبيهم وشهدوا تنزيل ربهم ولكن سيأتى بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم .
فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا إليه منكسين فقالوا ما رأينا أعجب من هؤلاء نصبب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب فإذا كان آخر النهار أخذوا في الاستغفار فيبدل الله سيئاتهم حسنات فقال إنكم لن تنالوا من هؤلاء شيئا لصحة توحيدهم واتباعهم لسنة نبيهم ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم تلعبون بهم لعبا وتقودونهم بأزمة أهوائهم كيف شئتم إن استغفروا لم يغفر لهم ولا يتوبون فيبدل الله سيئاتهم