يتضح بنور الاستبصار في شواهد الأخبار أنهم جنود مجندة وأن لكل نوع من المعاصي شيطانا يخصه ويدعو إليه فأما طريق الاستبصار فذكره يطول ويكفيك القدر الذي ذكرناه وهو أن اختلاف المسببات يدل على اختلاف الأسباب كما ذكرناه في نور النار وسواد الدخان .
وأما الأخبار فقد قال مجاهد لإبليس خمسة من الأولاد قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره ثبر والأعور ومبسوط وداسم وزلنبور فأما ثبر فهو صاحب المصائب الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية وأما الأعور فإنه صاحب الزنا يأمر به ويزينه وأما مبسوط فهو صاحب الكذب وأما داسم فإنه يدخل مع الرجل إلى أهله يرميهم بالعيب عنده ويغضبه عليهم وأما زلنبور فهو صاحب السوق فبسببه لا يزالون متظلمين وشيطان الصلاة يسمى خنزب // حديث إن شيطان الصلاة يسمى خنزب أخرجه مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص وقد تقدم أول الحديث // وشيطان الوضوء يسمى الولهان // حديث إن شيطان الوضوء يسمى الولهان تقدم وهو عند الترمذي من حديث أبي وقد ورد في ذلك أخبار كثيرة .
وكما أن الشياطين فيهم كثرة فكذلك في الملائكة وقد ذكرنا في كتاب الشكر السر في كثرة الملائكة واختصاص كل واحد منهم بعمل منفرد به وقد قال أبو أمامة الباهلي قال رسول الله A وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك للبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب الذباب عن قصعة العسل في اليوم الصائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كل باسط يده فاغر فاه ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين // حديث أبي أمامة وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان والطبراني في المعجم الكبير بإسناد ضعيف // .
وقال أيوب بن يونس بن يزيد بلغنا أنه يولد من أبناء الإنس من أبناء الجن ثم ينشئون معهم وروى جابر ابن عبد الله أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض قال يارب هذا الذي جعلت بيني وبينه عداوة إن لم تعني عليه لا أقوى عليه قال لا يولد لك ولد إلا وكل به ملك قال يارب زدني قال أجزي بالسيئة سيئة وبالحسنة عشرا إلى ما أريد قال رب زدني قال باب التوبة مفتوح ما دام في الجسد الروح قال إبليس يارب هذا العبد الذي كرمته علي إن لا تعني عليه لا أقوى عليه قال لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد قال يارب زدني قال تجري منهم مجرى الدم وتتخذون صدورهم بيوتا قال رب زدني قال أجلب عليهم بخيلك ورجلك إلى قوله غرورا وعن أبي الدرداء Bه قال قال رسول الله A خلق الله الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الثواب والعقاب .
وخلق الله تعالى الإنس ثلاثة أصناف صنف كالبهائم كما قال تعالى لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل وصنف أجسامهم أجسام بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف في ظل الله تعالى يوم القيامة يوم لا ضل إلا ظله // حديث أبي الدرداء خلق الله الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن حبان في الضعفاء في ترجمة يزيد بن سنان وضعفه والحاكم نحوه مختصرا في الجن فقط ثلاثة أصناف من حديث أبي ثعلبة الخشني وقال صحيح الإسناد وقال وهيب بن الورد بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا عليهما السلام وقال إني أريد أن أنصحك قال لا حاجة لي في نصحك ولكن أخبرني عن بني آدم قال هم عندنا ثلاثة أصناف أما صنف منهم وهم أشد الأصناف علينا نقبل على أحدهم حتى نفتنه ونتمكن منه