بكيس فهو أحمق .
والكيس من شهد له رسول الله A بالكياسة حيث قال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله // حديث الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن وابن ماجه من حديث شداد بن أوس // .
ولهذه الرتبة أدبان أحدهما أن لا يقدم عليها إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف .
والثاني أن لا ينطق إلا بالصدق ولا يسترسل فيه فيطلق لسانه الطويل بما لا يحتاج إليه بل يقتصر على قدر الحاجة .
فإن علم أن خطابه بهذه الكلمات الزاجرة ليست تزجره فلا ينبغي أن يطلقه .
بل يقتصر على إظهار الغضب والاستحقار له والازدراء بمحله لأجل معصيته وإن علم أنه لو تكلم ضرب ولو اكفهر وأظهر الكراهة بوجهه لم يضرب لزمه ولم يكفه الإنكار بالقلب بل يلزمه أن يقطب وجهه ويظهر الإنكار له .
الدرجة الخامسة التغيير باليد وذلك ككسر الملاهي وإراقة الخمر وخلع الحرير من رأسه وعن بدنه ومنعه من الجلوس عليه ودفعه عن الجلوس على مال الغير وإخراجه من الدار المغصوبة بالجر برجله وإخراجه من المسجد إذا كان جالسا وهو جنب وما يجري مجراه ويتصور ذلك في بعض المعاصي دون بعض .
فأما معاصي اللسان والقلب فلا يقدر على مباشرة تغييرها وكذلك كل معصية تقتصر على نفس العاصي وجوارحه الباطنة .
وفي هذه الدرجة أدبان أحدهما أن لا يباشر بيده التغيير ما لم يعجز عن تكليف المحتسب عليه ذلك فإذا أمكنه أن يكلفه المشي في الخروج عن الأرض المغصوبة والمسجدفلا ينبغي أن يدفعه أو يجره وإذا قدر على أن يكلفه إراقة الخمر وكسر الملاهي وحل دروز ثوب الحرير فلا ينبغي أن يباشر ذلك بنفسه فإن في الوقوف على حد الكسر نوع عسر فإذا لم يتعاط بنفسه ذلك كفى الاجتهاد فيه وتولاه من لا حجر عليه في فعله .
الثاني أن يقتصر في طريق التغيير على القدر المحتاج إليه وهو أن لا يأخذ بلحيته في الإخراج ولا برجله إذا قدر على جره بيده فإن زيادة الأذى فيه مستغنى عنه وأن لا يمزق ثوب الحرير بل يحل دروزه فقط ولا يحرق الملاهي والصليب الذي أظهره النصارى بل يبطل صلاحيتها للفساد بالكسر .
وحد الكسر أن يصير إلى حالة تحتاج في استئناف إصلاحه إلى تعب يساوي تعب الاستئناف من الخشب ابتداء .
وفي إراقة الخمور يتوقى كسر الأواني إن وجد إليه سبيلا فإن لم يقدر عليها إلا بأن يرمى ظروفها بحجر فله ذلك وسقطت قيمة الظرف وتقومه بسبب الخمر إذ صار حائلا بينه وبين الوصول إلى إراقة الخمر ولو ستر الخمر ببدنه لكنا نقصد بدنه بالجرح والضرب لنتوصل إلى إراقة الخمر فإذن لا تزيد حرمة ملكه في الظروف على حرمة نفسه .
ولو كان الخمر في قوارير ضيقة الرءوس ولو اشتغل بإراقتها طال الزمان وأدركه الفساق ومنعوه فله كسرها فهذا عذر .
وإن كان لا يحذر ظفر الفساق به ومنعهم ولكن كان يضيع في زمانه وتتعطل عليه أشغاله فله أن يكسرها فليس عليه أن يضيع منفعة بدنه وغرضه من أشغاله لأجل ظرف الخمر وحيث كانت الإراقة متيسرة بلا كسر فكسره لزمه الضمان .
فإن قلت فهلا جاز الكسر لأجل الزجر وهلا جاز الجر بالرجل في الإخراج عن الأرض المغصوبة ليكون ذلك أبلغ في الزجر فاعلم أن الزجر إنما يكون عن المستقبل والعقوبة تكون على الماضي والدفع على الحاضر الراهن .
وليس إلى آحاد الرعية إلا الدفع وهو إعدام المنكر فما زاد على قدر الإعدام فهو إما عقوبة على