معصية ناجزة وكذا الوقوف على باب حمام النساء وما يجري مجراه .
الشرط الثالث أن يكون المنكر ظاهرا للمحتسب بغير تجسس .
فكل من ستر معصية في داره وأغلق بابه لا يجوز أن يتجسس عليه وقد نهى الله تعالى عنه .
وقصة عمر وعبد الرحمن بن عوف فيه مشهورة وقد أوردناها في .
كتاب آداب الصحبة وكذلك ما روي أن عمر Bه تسلق دار رجل .
فرآه على حالة مكروهة فأنكر عليه فقال يا أمير المؤمنين إن كنت أنا قد عصيت الله من وجه واحد فأنت قد عصيته من ثلاثة أوجه .
فقال وما هي فقال قد قال تعالى ولا تجسسوا وقد تجسست وقال تعالى وأتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت من السطح وقال لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها وما سلمت .
فتركه عمر وشرط عليه التوبة .
ولذلك شاور عمر الصحابة Bهم وهو على المنبر وسألهم عن الإمام إذا شاهد بنفسه منكرا فهل له إقامة الحد فيه فأشار علي Bه بأن ذلك منوط بعدلين فلا يكفي فيه واحد .
وقد أوردنا هذه الأخبار في بيان حق المسلم من .
كتاب آداب الصحبة فلا نعيدها فإن قلت فما حد الظهور والاستتار .
فاعلم أن من أغلق باب داره وتستر بحيطانه فلا يجوز الدخول عليه بغير إذنه لنعرف المعصية إلا أن يظهر في الدار ظهورا يعرفه من هو خارج الدار كأصوات المزامير والأوتار إذا ارتفعت بحيث جاوز ذلك حيطان الدار .
فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر الملاهي وكذا إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات المألوفة بينهم بحيث يسمعها أهل الشوارع فهذا إظهار موجب للحسبة .
فإذن إنما يدرك مع تخلل الحيطان صوت أو رائحة .
فإذا فاحت روائح الخمر فإن احتمل أن يكون ذلك من الخمور المحترمة فلا يجوز قصدها بالإراقة .
وإن علم بقرينة الحال أنها فاحت لتعاطيهم الشرب فهذا محتمل .
والظاهر جواز الحسبة .
وقد تستر قارورة الخمر في الكم وتحت الذيل وكذلك الملاهي فإذا رؤي فاسق وتحت ذيله شيء لم يجز أن يكشف عنه ما لم يظهر بعلامة خاصة .
فإن فسقه لا يدل على أن الذي معه خمر إذ الفاسق محتاج أيضا إلى الخل وغيره .
فلا يجوز أن يستدل بإخفائه وأنه لو كان حلالا لما أخفاه لأن الأغراض في الإخفاء مما تكثر .
وإن كانت الرائحة فائحة فهذا محل النظر .
والظاهر أن له الاحتساب لأن هذه علامة تفيد الظن والظن كالعلم في أمثال هذه الأمور .
وكذلك العود ربما يعرف بشكله إذا كان الثوب السائر له رقيقا .
فدلالة الشكل كدلالة الرائحة والصوت وما ظهرت دلالته فهو غير مستور بل هو مكشوف وقد أمرنا بأن نستر ما ستر الله وننكر على من أبدى لنا صفحته .
والإبداء له درجات فتارة يبدو لنا بحاسة السمع .
وتارة بحاسة الشم .
وتارة بحاسة البصر وتارة بحاسة اللمس ولا يمكن أن يخصص ذلك بحاسة البصر بل المراد العلم .
وهذه الحواس أيضا تفيد العلم .
فإذن إنما يجوز أن يكسر ما تحت الثوب إذا علم أنه خمر .
وليس له أن يقول أرني لأعلم ما فيه .
هذا تجسس .
ومعنى التجسس طلب الأمارات المعرفة فالأمارة المعرفة إن حصلت وأورثت المعرفة جاز العمل بمقتضاها فأما طلب الأمارة المعرفة فلا رخصة فيه أصلا .
الشرط الرابع أن يكون كونه منكرا معلوما بغير اجتهاد فكل ما هو في محل الاجتهاد فلا حسبة .
فليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله الضب والضبع ومتروك التسمية .
ولا للشافعي أن ينكر على الحنفي شربه النبيذ الذي ليس بمسكر وتناوله ميراث ذوي الأرحام وجلوسه في دار أخذها بشفعة الجوار إلى غير ذلك من مجاري الاجتهاد نعم لو رأى الشافعي شافعيا يشرب النبيذ وينكح بلا ولي ويطأ زوجته فهذا في محل النظر والأظهر أن له الحسبة والإنكار إذ لم يذهب أحد من المحصلين إلى أن المجتهد يجوز له أن يعمل بموجب اجتهاد غيره .
ولا أن