لهم .
وإن اتفق حضورهم مع غير أبناء جنسهم فيكونون معهم بأبدانهم نائين عنهم بقلوبهم وبواطنهم .
كما يجلسون من غير سماع مع غير جنسهم بأسباب عارضة تقتضى الجلوس معهم .
وبعضهم نقل عنه ترك السماع ويظن أنه كان سبب تركه استغناءه عن السماع بما ذكرناه .
وبعضهم كان من الزهاد ولم يكن له حظ روحاني في السماع ولا كان من أهل اللهو فتركه لئلا يكون مشغولا بما لا يعنيه .
وبعضهم تركه لفقد الإخوان .
قيل لبعضهم لم لا تسمع فقال ممن ومع من .
الأدب الرابع أن لا يقوم ولا يرفع صوته بالبكاء وهو يقدر على ضبط نفسه ولكن إن رقص أو تباكى فهو مباح إذا لم يقصد به المراءاة لأن التباكي استجلاب للحزن والرقص سبب في تحريك السرور والنشاط .
فكل سرور مباح فيجوز تحريكه .
ولو كان ذلك حراما لما نظرت عائشة Bها إلى الحبشة مع رسول الله A وهم يزفنون // حديث نظرت عائشة إلى رقص الحبشة مع رسول الله A وهم يزفنون تقدم في الباب قبله // .
هذا لفظ عائشة Bها في بعض الروايات .
وقد روي عن جماعة من الصحابة Bهم أنهم حجلوا لما ورد عليهم سرور أوجب ذلك وذلك في قصة ابنة حمزة لما اختصم فيها علي بن أبي طالب وأخوه جعفر وزيد بن حارثة Bهم فتشاحوا في تربيتها فقال A لعلي أنت مني وأنا منك فحجل علي وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي فحجل وراء حجل علي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا فحجل زيد وراء حجل جعفر ثم قال A هي لجعفر لأن خالتها تحته والخالة والدة // حديث اختصم علي وجعفر وزيد بن حارثة في ابنة حمزة فقال لعلي أنت مني وأنا منك فحجل وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي فحجل وقال لزيد أنت أخونا ومولانا فحجل الحديث أخرجه أبو داود من حديث علي بإسناد حسن وهو عند البخاري دون فحجل // .
وفي رواية أنه قال لعائشة Bها أتحبين أن تنظري إلى زفن الحبشة والزفن والحجل هو الرقص .
وذلك يكون لفرح أو شوق فحكمه حكم مهيجه إن كان فرحه محمودا والرقص يزيده ويؤكده فهو محمود وإن كان مباحا فهو مباح وإن كان مذموما فهو مذموم .
نعم لا يليق اعتياد ذلك بمناصب الأكابر وأهل القدوة لأنه في الأكثر يكون عن لهو ولعب وماله صورة اللعب واللهو في أعين الناس فينبغي أن يجتنبه المقتدى به لئلا يصغر في أعين الناس فيترك الاقتداء به .
وأما تمزيق الثياب فلا رخصة فيه إلا عند خروج الأمر عن الاختيار ولا يبعد أن يغلب الوجد بحيث يمزق ثوبه وهو لا يدري لغلبة سكر الوجد عليه أو يدري ولكن يكون كالمضطر الذي لا يقدر على ضبط نفسه وتكون صورته صورة المكره إذ يكون له في الحركة أو التمزيق متنفس فيضطر إليه اضطرار المريض إلى الأنين ولو كلف الصبر عنه لم يقدر عليه مع أنه فعل اختياري فليس كل فعل حصوله بالإرادة يقدر الإنسان على تركه فالتنفس فعل يحصل بالإرادة ولو كلف الإنسان أن يمسك النفس ساعة لاضطر من باطنه إلى أن يختار التنفس .
فكذلك الزعقة وتمزيق الثياب قد يكون كذلك فهذا لا يوصف بالتحريم .
فقد ذكر عند السرى حديث الوجد الحاد الغالب فقال نعم يضرب وجهه بالسيف وهو لا يدري فروجع فيه واستبعد أن ينتهي إلى هذا الحد فأصر عليه ولم يرجع .
ومعناه أنه في بعض الأحوال قد ينتهي إلى هذا الحد في بعض الأشخاص .
فإن قلت فما تقول في تمزيق الصوفية الثياب الجديدة بعد سكون الوجد والفراغ من السماع فإنهم يمزقونها قطعا صغارا ويفرقونها على القوم ويسمونها الخرقة فاعلم أن ذلك مباح إذا قطع قطعا مربعة تصلح لترقيع الثياب والسجادات .
فإن الكرباس يمزق حتى يخاط منه القميص ولا يكون ذلك تضييعا لأنه تمزيق لغرض .
وكذلك ترقيع الثياب لا يمكن إلا بالقطع الصغار وذلك مقصود والتفرقة على الجميع ليعم ذلك الخير مقصود مباح .
ولكل