أقوى لشيطانين قال وكان أبو الحسن العسقلاني الأسود من الأولياء يسمع ويوله عند السماع وصنف فيه كتابا ورد فيه على منكريه وكذلك جماعة منهم صنفوا في الرد على منكريه .
وحكى عن بعض الشيوخ أته قال رأيت أبا العباس الخضر عليه السلام فقلت له ما تقول في هذا السماع الذي اختلف فيه اصحابنا فقال هو الصفو الزلال الذي لا يثبت عليه إلا أقدام العلماء .
وحكي عن ممشاد الدينوري أنه قال رأيت النبي A في النوم فقلت يا رسول الله هل تنكر من هذا السماع شيئا فقال ما أنكر منه شيئا ولكن قل لهم يفتتحون قبله بالقرآن ويختمون بعده بالقرآن .
وحكى عن طاهر بن بلال الهمداني الوراق وكان من أهل العلم أنه قال كنت معتكفا في جامع جدة على البحر فرأيت يوما طائفة يقولون في جانب منه قولا ويستمعون فأنكرت ذلك بقلبي وقلت في بيت من بيوت الله يقولون الشعر قال فرأيت النبي A تلك الليلة وهو جالس في تلك الناحية والى جنبة أبو بكر الصديق Bه وإذا أبو بكر يقول شيئا من القول والنبي A يستمع إليه ويضع يده على صدره كالواجد بذلك فقلت في نفسي ما كان ينبغي لي أن أنكر على أولئك الذين كانوا يستمعون وهذا رسول الله A يستمع وأبو بكر يقول فالتفت إلى رسول الله A وقال هذا حق بحق أو قال حق من حق أنا أشك فيه .
وقال الجنيد تنزل الرحمة على هذه الطائفة في ثلاثة مواضع عند الأكل لأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة وعند المذاكرة لأنهم لا يتحاورون إلا في مقامات الصديقين وعند السماع لأنهم يسمعون بوجد ويشهدون حقا .
وعن ابن جريج انه كان يرخص في السماع فقيل له أيؤتى يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك فقال لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو وقال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم .
هذا ما نقل من الاقاويل .
ومن طلب الحق في التقليد فمهما استقصى تعارضت عنده هذه الاقاويل فيبقى متحيرا أومائلاإلى بعض الاقاويل بالتشهي وكل ذلك قصور بل ينبغي أن يطلب الحق بطريقه وذلك بالبحث عن مدارك الحظر والاباحة كما سنذكره .
بيان الدليل على إباحة السماع .
اعلم أن قول القائل السماع حرام معناه أن الله تعالى يعاقب عليه وهذا أمر لا يعرف بمجرد العقل بل بالسمع ومعرفة الشرعيات محصورة في النص أو القياس على المنصوص .
وأعنى بالنص ما أظهره A بقوله أو فعله وبالقياس المعنى المفهوم من ألفاظه وأفعاله .
فإن لم يكن فيه نص ولم يستقم فيه قياس على منصوص بطل القول بتحريمه وبقى فعلا لا حرج فيه كسائر المباحات .
ولا يدل على تحريم السماع نص ولا قياس ويتضح ذلك في جوابنا عن أدلة المائلين إلى التحريم .
ومهما تم الجواب عن أدلتهم كان ذلك مسلكا كافيا في إثبات هذا الغرض لكن نستفتح ونقول قد دل النص والقياس جميعا على إباحته .
أما القياس فهو أن الغناء اجتمعت فيه معان ينبغي أن يبحث عن افرادها ثم عن مجموعها فإن فيه سماع صوت طيب موزون مفهوم المعنى محرك للقلب فالوصف الاعم انه صوت طيب .
ثم الطيب ينقسم إلى الموزون وغيره .
والموزون ينقسم إلى المفهوم كالاشعار والى غير المفهوم كأصوات الجمادات وسائر الحيوانات .
أما سماع الصوت الطيب من حيث إنه طيب فلا ينبغي أن يحرم بل هو حلال بالنص والقياس أما القياس فهو أنه يرجع إلى تلذذ حاسة السمع بإدراك ما هو مخصوص به وللإنسان عقل وخمس حواس ولكل حاسة إدراك