عليه السلام .
فإذا فهم معنى العين والجهة فأقول .
الذي يصح عندنا في الفتوى أن المطلوب العين إن كانت الكعبة مما يمكن رؤيتها وإن كان يحتاج إلى الاستدلال عليها لتعذر رؤيتها فيكفي استقبال الجهة .
فأما طلب العين عند المشاهدة فمجمع عليه .
وأما الاكتفاء بالجهة عند تعذر المعاينة فيدل عليه الكتاب والسنة وفعل الصحابة Bهم والقياس .
أما الكتاب فقوله تعالى وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي نحوه .
ومن قابل جهة الكعبة يقال قد ولى وجهه شطرها .
وأما السنة فما روي عن رسول الله A أنه قال لأهل المدينة ما بين المغرب والمشرق قبلة // حديث ما بين المشرق والمغرب قبلة أخرجه الترمذي وصححه والنسائي وقال منكر وابن ماجه من حديث أبي هريرة // .
والمغرب يقع على يمين أهل المدينة والمشرق على يسارهم .
فجعل رسول الله A جميع ما يقع بينهما قبلة ومساحة الكعبة لا تفي بما بين المشرق والمغرب وإنما يفي بذلك جهتها .
وروي هذا اللفظ أيضا عن عمر وابنه Bهما .
وأما فعل الصحابة Bهم فما روي أن مسجد قباء كانوا في صلاة الصبح بالمدينة مستقبلين لبيت المقدس مستدبرين الكعبة لأن المدينة بينهما فقيل لهم الآن قد حولت القبلة إلى الكعبة .
فاستداروا في أثناء الصلاة من غير طلب دلالة // حديث إن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح مستقبلين لبيت المقدس فقيل لهم ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا الحديث أخرجه مسلم من حديث أنس واتفقا عليه من حديث ابن عمر مع اختلاف // .
ولم ينكر عليهم .
وسمي مسجدهم ذا القبلتين ومقابلة العين من المدينة إلى مكة لا تعرف إلا بأدلة هندسية يطول النظر فيها فكيف أدركوا ذلك على البديهة في أثناء الصلاة وفي ظلمة الليل ويدل أيضا من فعلهم أنهم بنوا المساجد حوالي مكة وفي سائر بلاد الإسلام ولم يحضروا قط مهندسا عند تسوية المحاريب ومقابلة العين لا تدرك إلا بدقيق النظر الهندسي .
وأما القياس فهو أن الحاجة تمس إلى الاستقبال وبناء المساجد في جميع أقطار الأرض ولا يمكن مقابلة العين إلا بعلوم هندسية لم يرد الشرع بالنظر فيها بل ربما يزجر عن التعمق في علمها فكيف ينبني أمر الشرع عليها فيجب الاكتفاء بالجهة للضرورة .
وأما دليل صحة الصورة التي صورناها وهو حصر جهات العالم في أربع جهات فقوله A في آداب قضاء الحاجة لا تستقبلوا بها القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا // حديث لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا متفق عليه من حديث أبي أيوب // .
وقال .
هذا بالمدينة والمشرق على يسار المستقبل بها والمغرب على يمينه فنهى عن جهتين ورخص في جهتين .
ومجموع ذلك أربع جهات .
ولم يخطر ببال أحد أن جهات العالم يمكن أن تفرض في ست أو سبع أو عشر .
وكيفما كان فما حكم الباقي بل الجهات تثبت في الاعتقادات بناء على خلقة الإنسان وليس له إلا أربع جهات قدام وخلف ويمين وشمال فكانت الجهات بالإضافة إلى الإنسان في ظاهر النظر أربعا .
والشرع لا يبنى إلا على مثل هذه الاعتقادات فظهر أن المطلوب الجهة وذلك يسهل أمر الاجتهاد فيها وتعلم به أداة القبلة .
فأما مقابلة العين فإنها تعرف بمعرفة مقدار عرض مكة عن خط الاستواء ومقدار درجات طولها وهو بعدها عن أول عمارة في المشرق .
ثم يعرف ذلك أيضا في موقف المصلى ثم يقابل أحدهما بالآخر .
ويحتاج فيه إلى آلات وأسباب طويلة والشرع غير مبني عليها قطعا .
فإذن القدر الذي