يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله A يقول إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب // حديث أبي بكر إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم لتضعونها في غير موضعها الحديث أخرجه أصحاب السنن قال الترمذي حسن صحيح // .
وقد قال A إن الله ليسأل العبد حتى يقول له ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره فإذا لقن الله لعبد حجته قال يا رب رجوتك وخفت الناس // حديث إن الله يسأل العبد حتى يقول ما منعك إذا رأيت المنكر في الدنيا أن تنكره الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد جيد // .
وهذا إذا خاف من ضرب أو أمر لا يطاق .
ومعرفة حدود ذلك مشكلة وفيه خطر .
وفي العزلة خلاص وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إثارة للخصومات وتحريك لغوائل الصدور كما قيل .
وكم سقت في آثاركم من نصيحة ... وقد يستفيد البغضة المتنصح .
ومن جرب الأمر بالمعروف ندم عليه غالبا فإنه كجدار مائل يريد الإنسان أن يقيمه فيوشك أن يسقط عليه فإذا سقط عليه يقول يا ليتني تركته مائلا .
نعم لو وجد أعوانا أمسكوا الحائط حتى يحكمه بدعامة لاستقام وأنت اليوم لا تجد الأعوان فدعهم وانج بنفسك .
وأما الرياء فهو الداء العضال الذي يعسر على الأبدال والأوتاد الاحتراز عنه .
وكل من خالط الناس داراهم ومن داراهم راءاهم ومن راءاهم وقع فيما وقعوا فيه وهلك كما هلكوا .
وأقل ما يلزم فيه النفاق فإنك إن خالطت متعاديين ولم تلق كل واحد منهما بوجه يوافقه صرت بغيضا إليهما جميعا وإن جاملتهما كنت من شرار الناس .
وقال A تجدون من شرار الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه // حديث تجدون من شرار الناس ذا الوجهين متفق عليه من حديث أبي هريرة // .
وقال A إن من شر الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه // حديث إن من شر الناس ذا الوجهين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وهو الذي قبله // .
وأقل ما يجب في مخالطة الناس إظهار الشوق والمبالغة فيه ولا يخلو ذلك عن كذب إما في الأصل وإما في الزيادة وإظهار الشفقة بالسؤال عن الأحوال بقولك كيف أنت وكيف أهلك وأنت في الباطن فارغ القلب من همومه وهذا نفاق محض .
قال سري لو دخل أخ لي فسويت لحيتي بيدي لدخوله لخشيت أن أكتب في جريدة المنافقين .
وكان الفضيل جالسا وحده في المسجد الحرام فجاء إليه أخ له فقال له ما جاء بك قال المؤانسة يا أبا علي فقال هي والله بالمواحشة أشبه هل تريد إلا أن تتزين لي وأتزين لك وتكذب لي وأكذب لك إما أن تقوم عني أو أقوم عنك .
وقال بعض العلماء ما أحب الله عبدا إلا أحب أن لا يشعر به .
ودخل طاوس على الخليفة هشام فقال كيف أنت يا هشام فغضب عليه وقال لم لم تخاطبني بأمير المؤمنين فقال لأن جميع المسلمين ما اتفقوا على خلافتك فخشيت أن أكون كاذبا .
فمن أمكنه أن يحترز هذا الاحتراز فليخالط الناس وإلا فليرض بإثبات اسمه في جريدة المنافقين .
فقد كان السلف يتلاقون ويحترزون في قولهم كيف أصبحت وكيف أمسيت وكيف أنت وكيف حالك وفي الجواب عنه .
فكان سؤالهم عن أحوال الدين لا عن أحوال الدنيا .
قال حاتم الأصم لحامد اللفاف كيف أنت في نفسك قال سالم معافى فكره حاتم جوابه وقال يا حامد السلامة من وراء الصراط والعافية في الجنة .
وكان إذا قيل لعيسى A كيف أصبحت قال أصبحت لا أملك تقديم ما أرجو ولا أستطيع دفع ما أحاذر وأصبحت مرتهنا بعملي والخير كله في يد غيري ولا فقير أفقر مني