هدية لك من عند أخيك فلان من عند قريبك فلان .
قال فيفرح بذلك كما يفرح الحي بالهدية الحق السابع الوفاء و الإخلاص .
ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه فإن الحب إنما يراد للآخرة فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي ولذلك قال عليه السلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه // حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث تقدم غير مرة // .
و قال بعضهم قليل الوفاء بعد الوفاء خير من كثيره في حال الحياة ولذلك روى انه A أكرم عجوزا دخلت عليه فقيل له في ذلك فقال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن كرم العهد من الدين // حديث إكرامه A لعجوز دخلت عليه وقوله إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان أخرجه الحاكم من حديث عائشة و قال صحيح على شرط الشيخين وليس له علة // .
فمن الوفاة للأخ مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه و المتعلقين به ومراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاة الأخ في نفسه فإن فرحه بتفقد من يتعلق به أكثر إذ لا يدل على قوة الشفقة و الحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان فإنه لا يحسد متعاونين على بركما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما قال الله تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم وقال مخبرا عن يوسف من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي و يقال ما تواخى اثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما .
وكان بشر يقول إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه .
وذلك لأن الإخوان مسلاة للهموم وعون على الدين .
ولذلك قال ابن المبارك ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية والمودة الدائمة هي التي تكون في الله وما يكون لغرض يزول بزوال ذلك الغرض .
ومن ثمرات المودة في الله أن لا تكون مع حسد في دين ودنيا وكيف يحسده وكل ما هو لأخيه فإليه ترجع فائدته وبه وصف الله تعالى المحبين في الله تعالى فقال ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ووجود الحاجة هو الحسد .
ومن الوفاء أن لا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم .
قال الشاعر .
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن .
وأوصى بعض السلف ابنه فقال يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك .
وقال بعض الحكماء إذا ولي أخوك ولايه فثبت على نصف مودته لك فهو كثير .
وحكى الربيع أن الشافعي C آخى رجلا ببغداد ثم إن أخاه ولي السيبين فتغير له عما كان عليه فكتب إليه الشافعي بهذه الأبيات .
اذهب فودك من فؤادي طالق ... أبدا وليس طلاق ذات البين .
فإن ارعويت فإنها تطليقة ... ويدوم ودك لي على ثنتين .
وإن امتنعت شفعتها بمثالها ... فتكون تطليقين في حيضين .
وإذا الثلاث أتتك مني بتة ... لم تغن عنك ولاية السيبين