هو القيام بحق الله في الصحبة .
وخرج رسول الله A إلى بئر يغتسل عندها فأمسك حذيفة بن اليمان الثوب وقام يستر رسول الله A حتى اغتسل ثم جلس حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله A الثوب وقام يستر حذيفة عن الناس فأبى حذيفة و قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تفعل فأبى عليه السلام إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل // حديث ستر حذيفة للنبي A بثوب حتى اغتسل ثم ستره A لحذيفة حتى اغتسل لم أجده أيضا // .
و قال A ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه // حديث ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه تقدم في الباب قبله بلفظ أحدهما حبا لصاحبه // .
وروى أن مالك بن دينار ومحمد بن واسع دخلا منزل الحسن وكان غائبا فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن فجعل يأكل فقال له مالك كف يدك حتى يجيء صاحب البيت فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل وكان مالك أبسط منه وأحسن خلقا فدخل الحسن وقال يا مويلك هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضا حتى ظهرت أنت وأصحابك .
وأشار بهذا إلى أن الانبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في الأخوة كيف وقد قال الله تعالى أو صديقكم وقال أو ما ملكتم مفاتحه إذ كان الأخ يدفع مفاتيح بيته إلى أخيه ويفوض له التصرف كما يريد وكان أخوه يتحرج عن الأكل بحكم التقوى حتى انزل الله تعالى هذه الآية وإذن لهم في الانبساط في طعام الإخوان و الأصدقاء الحق الثاني في الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات و القيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجات الخاصة .
وهذه أيضا لها درجات كما للمواساة بالمال فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال و القدرة ولكن مع البشاشة و الاستبشار وإظهار الفرح و قبول المنة .
قال بعضهم إذا استقضيت أخاك حاجة فلم يقضها فذكره ثانية فلعله أن يكون قد نسي فإن لم يقضها فكبر عليه واقرأ هذه الآية و الموتى يبعثهم الله وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى .
قال جعفر بن محمد إني لأتسارع إلى قضاء حوائج أعدائي مخافة أن أردهم فيستغنوا عني .
هذا في الأعداء فكيف في الأصدقاء وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم ويتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه بل كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه ويسأل ويقول هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة وكان يقوم بها حيث لا يعرفه أخوه .
وبهذا تظهر الشفقة و الأخوة فإذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه فلا خير فيها .
قال ميمون ابن مهران من لم تنتفع بصداقته لم تضرك عداوته .
و قال A ألا وإن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في الدين وأرقها على الإخوان // حديث إن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله أصفاها وأصلبها أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني إلا انه قال ألينها وأرقها وإسناده جيد // .
و بالجملة فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك أو أهم من حاجتك وان تكون متفقدا لأوقات الحاجة غير غافل عن أحواله كما لا تغفل عن أحوال نفسك وتغنيه عن السؤال وإظهار الحاجة إلى الاستعانة بل